بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تشرين الأول 2018 12:34ص الذاكرة... الم وفرح

حجم الخط
بالأمس كنا في لقاء تكريم الشاعر غسّان مطر الذي يستحق كل التكريم.
في هذا اللقاء الذي نظمه منتدى «شهرياد» كان إلى جانبي النحات والرسام الصديق الفراتي جمعه الناشف الذي كان يعرض أعماله في «دار الندوة».
وكان تبادل لأحاديث خلال الفواصل ما بين مداخلة ومداخلة، وحدثني جمعة عن تعارفنا عن طريق صديقي الراحل الذي لم يرحل زهير غانم.
وكأن مجرّد ذكر الاسم كان كافياً للضغط على زر في الذاكرة لتكر الصور عن مرحلة فيها من المتعة الشيء الكثير، متعة تذكر الصداقة التي لم تمت بمرور الأيام، ومتعة تذكر الجو الثقافي الذي كان سائداً في تلك الفترة.
كان جواً مختلفاً... لا يشبه ابداً الجو السائد الآن.
كان هناك ثمة مسؤولية في الكتابة والنشر، وكذلك مسؤولية في النقد ومسؤولية أكبر من اللقاءات حول الإنتاج الحاصل آنذاك.
كان  صاحب النص نثراً كان أو شعراً لا يجرؤ على طباعة نصه قبل التأكد من صلاحيته ومستواه للخروج إلى النور وجعله بين ايدي الجميع.
وكان النقد حاسماً في حكمه على الأعمال الصادرة ففي لقاء الجمعة الثقافي الذي كان يعقد في منزل سعيد طه «رحم الله سحر» لطالما تعالى الصراخ نتيجة لمناقشات حول ما يدور النقاش حوله.
وكنا نستمتع ونزيد زادنا اللغوي عندما يحتد الموقف حول موضوع لغوي ما بين المرحومين د. عفيف دمشقية ود. أحمد حاطوم.
وإذا اضفنا إلى ذلك دماثة ولطف المرحوم د. فوزي عطوي لمحاولة إيجاد الحلول الوسط. نحصل على صورة ادبية ثقافية هي لوحة تنقش في الذاكرة حفراً ولا تنسى.
نتذكر ذلك اليوم فنفرح لأننا عشنا تلك الفترة واستطعنا معايشة كبار غاصوا واخرجوا اللؤلؤ من الاعماق.
اما الألم فهو ناتج عن اللغو والهباء والركاكة في ما يقع بين ايدينا اليوم من شعر ونثر.. وحتى في مجال التشكيل وباقي الألوان الابداعية.
غزارة في الإنتاج وسوء في النوعية، واستباحة للقفز فوق كل الموروث من قديم وحديث، وهتك وهدم لاسوار اللغة.
استسهال... لعدم وجود حسيب أو رقيب.
الساحة مفتوحة الأبواب لكل من هب ودب فيخلط الغث بالسمين وتضيع الطاسة.
قد يقول قائل ان الزمن كفيل بفرز ما يصدر ولا يبقى الا ما يستحق البقاء.
ولكن أيضاً هذا لا يمنع ان تتألم لحاضر يناقض الماضي القريب.