بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2019 12:05ص الروائي السعودي هاني نقشبندي لـ «اللـــواء»: إن استطاعت رواياتي أن تقدِّم رأيا أو تطرح حلاً فهذا جيّد

حجم الخط
تستمد الرواية السعودية قوتها  من المواضيع التي تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية تحديداً. لأن الرواية السعودية المعاصرة تخطت السرد واندمجت بمعالجة القضايا المستجدة خاصة تلك التي بدأنا نقرأ عنها عبر شبكات التواصل الاجتماعي من تويتر أو بوح على صفحات مدونات خاصة.  ورواية «اختلاس» للروائي هاني نقشبندي هي مشهد من مشهديات تؤلف رأياً تضمن مشكلة من مشكلات وضعها في قالب روائي امتد الى رواياته الأخرى ايضا،  ومع الروائي هاني نقشبندي اجرينا هذا الحوار..


{ الأدب الروائي لا يطرح المشكلة فقط, انما يقدم الحلول, أين الحلول التي قدمتها روائيا؟
- الروائي يشبه الطبيب. أهم ما يقوم به الطبيب عندما يأتيه مريض ما هو تحديد سبب المرض. أي تشخصيه. وهذا ما يقوم به الروائي. إنه يشخص العلة. بدون معرفة السبب لا يأتي الحل. اما بالنسبة لهذا الحل فهو ليس مهمة الروائي، وإن اعطى رأيا، بل هي مهمة جماعية. انا تحدثت عن معاناة امرأة. اقول ان المرأة ان كانت ضعيفة فهو بسببها. مشكلة المرأة السعودية او العربية، او حتى العالمية, انها تشكو ضعفها الى من هو سبب هذا الضعف، وأعني به الرجل. لماذا هي ترتضي الظلم اذاً. الظلم نفسه فعل اختياري، من ارتضى به استحقه. انا ادعو المرأة الى الثورة على ذاتها، لا الثورة على الرجل او المجتمع. ان كانت لديها حقوق أقرها الشرع والقانون، فلماذا هي مستسلمة؟ اقول ان بعض النساء يستلذون الضعف. هذا شأنهن. لكن ماذا عن الأخريات؟ لماذا يكتفين بالشكوى دون ان يقمن بما يزيح الظلم عنهن؟
لست انا من يجيب، بل كروائي.. أنا هنا أسأل. وكثيرا ما كان السؤال هو نصف الجواب.
{ لماذا هذا النقد المجتمعي والمجتمعات كافة تغرق بالسلبيات؟
- أنا لا علاقة لي بالمجتمعات الأخرى. علاقتي هي بمجتمعي أنا. وبالمرأة الساكنة بيننا. لا أقول ان نساء العالم هن في وضع افضل، لكن ذلك شأنهن. أنا معني بأن يكون وضع نسائنا افضل، بصرف النظر عن العالم الآخر, البعيد منا او القريب.
نحن كرجال ننتظر الكثير من المرأة. ننتظر منها مشاركة اكثر فعالية. حتى المتسلطين من الرجال، يحتاجون الى امرأة قوية لا ضعيفة. مؤمن أنا، بل شديد الإيمان، بأن المرأة المكسورة لن تنجب ابناء اقوياء، بل نساء منكسرات مثلها، ورجال متسلطين. هل هذا ما نريد؟
{ المرأة السعودية تبعا للكثير من الإحصاءات اكثر دلالا من المرأة البريطانية نفسها؟
- لا أعرف احصاءات كهذه, لكني في الوقت ذاته لا أنكرها. ربما تكون المرأة السعودية مدللة ماديا, لكن انسانيا لا تزال الكثير من القوانين تحول دون تحقيق حضور قوي لها. مؤخرا نالت المرأة السعودية شيئاً من استقلاليتها من تبعية الرجل, قولي أمر له وحده الحق في أن تتوظف او تسافر او حتى تتنقل. لكن هل هذا كل شيء؟ هل حقوق المرأة تنتهي عند حقها في السفر فقط؟ بالتأكيد إن دورها اكبر من ذلك. نحن ننتظر منها ان تشارك في صناعة القرار المجتمعي ايضا. واعتقد ان الإنفتاح السعودي الأخير يشير الى هذا الإتجاه سيما وأن بعض النساء بدأن بتقلد مناصب رفيعة في بعض المؤسسات الحكومية. ومرة اخرى اقول يجب ان لا نقارن انفسنا بنساء بريطانيا او نساء التيبت، بل ان نقارن انفسنا بما نحن عليه وما نريد ان نكون عليه.
{ اختلاس قدمت منها نافذة على احاسيس المرأة واشكالية علاقتها مع زوج من خلال زوجة او متزوجة وهذا عام وليس خاصاً بالمجتمع السعودي؟
- الأنثى هي ذاتها سواء كانت في السعودية او خارجها. نعم, دائما ما اقول واكرر بأن هناك فرقاً بين المرأة المتزوجة والمرأة الزوجة. فليست كل متزوجة هي زوجة بالضرورة. كثيرا ما كانت مجرد قطعة داخل المنزل. شيء لا بد منه،لا أكثر. حسن, من جعل منها هكذا؟ هل هي سطوة الرجل؟ ربما. لكن حتى لو كانت تلك السطوة هي السبب, لماذا هي ترضى وتستسلم لتكون مجرد قطعة لا كائن صاحب رأي وقرار وحضور؟ معظم مشاكل النساء, لنقل العربيات تحديدا، أنهن يخضعن لسطوة الرجل وكأن الأمر هو قانون سماوي لا يقبل الجدل. ربما هي التربية الأسرية من يخلق هذا النوع من الخضوع الأنثوي. لكن اليوم ما عاد كالأمس. لست احرض المرأة كي تثور على الرجل، او تخرج عليه وتصبح هي المسيطرة، وتأخذ دورا ليس لها، بل ادعو أن تكون مساوية وموازية في خط الحياة المشترك بينها وبين الرجل. أن اقول لها حان الوقت كي تنتفضي على ضعفك، وتقيمي وضعك، وتعرفي انك لست المسكينة المكسورة. انظري الى القوة في داخلك، واظهريها ليس عنفا, بل حبا وبناء. 
{ ماذا تريد من عالم الرواية؟
- هو عالم ساحر بالنسبة لي. انا لست مصلحا اجتماعيا, ولا أدعي ولا أريد ان اكون. انا كاتب يعشق صنع الأشياء والأحداث. إن استطاعت رواياتي ان تقدم رأيا او تكشف عيبا او تطرح حلا، فهذا جيد. لكن ان أتت خالية من أية رسالة، فذاك لأني روائي ولست اخصائيا اجتماعيا.
{ كلمة للمرأة العربية تكتبها بالخط العريض؟
- سأقول ما قال نزار لبيروت: قومي من تحت الردم.