بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 حزيران 2018 12:09ص الروائي السوداني أمير تاج السر لـــ «اللــــــواء»

روايتي «زهور تأكلها النار» معاصرة بقدر ما هي مستلة من عمق التاريخ

حجم الخط

المرأة انصفت بالفعل في الديانات خاصة الدين الإسلامي وكرمت بحق

تدل رواية زهور تأكلها النار للروائي «امير تاج السر»  على انه  مغرم بالشعر كثيرا، كما انه أستمد  الكثير من الصور التي وظفها في السرد، وأحيانا ربما انقطع السرد في مكان ما واكتمل بقصيدة أو مقطع من قصيدة. رامونا ريماس شاعر افتراضي، وهو في الرواية  مع قصائده من الأدلة القوية على تحضر الراوية، وتذوقها للفن، وتحضر المدينة أيضا إلى حد ما بالرغم من افتقارها لكثير من نواحي الجمال باعتبار الفتاة جزءا من المدينة، الرواية قائمة على ثنائية القبح والجمال، التعمير والخراب، الأمن والفوضى الناجمة عن الحروب، وأعتقد أن وجود شاعر افتراضي في الرواية  كان مهما جدا لترسم قصائده اللوحات المطلوبة، وهذا  مهم  حتى تكتمل الحكاية ومع الروائي امير تاج السر اجريت هذا الحوار...

{ زهور تأكلها النار، هل هي احتراق المرأة بين المذاهب ام صورة الأب عند الفتاة ومؤثراتها السلبية علي حياتها؟ 
- لم آت بجديد بالنسبة لوضع المرأة في مجتمعاتنا الذي تحدثه الطائفية والفوضى في كل زمان، بالرغم من أن المرأة أنصفت بالفعل في الديانات، خاصة الدين الإسلامي، وكرمت بحق. نحن إزاء أفكار انحرفت بشدة عن الفكرة الصحيحة، والسلوك القويم للدين، وكلنا شاهدنا ما حدث في هذا العصر من أذى كبير للمرأة لا شيء سوى أنها أنثى، ومطمع لكل متشرذم. لن أقول أن الرواية مرثية للأنثوية في زمن شرس،  ولكن هي مرثية لكل ما هو خصب، وتحويله إلى يباب، وجليا أن المرأة هي الخصوبة بالطبع، لقد اخترت الراوي امرأة، ويقيني أنني لم أخطئ في ذلك واستطاعت خميلة أن تدلي بالدلو الذي لن يستطيع أن يلقي به رجل في الحكاية. بالنسبة للأبوة، لا يمكن الإلمام بتفاصيلها كلها، هناك أبوات رقيقة هادئة، وأبوات شرسة، وأبوات تحكمها المصالح كما قرأنا أبوة جماري لابنته، هو يشاركها أفكارها وفي الوقت نفسه يبتعد عنها كثيرا بأفكاره الخاصة بتجارته وحياته، حتى الأم نفسها كانت امرأة فنانة لكنها داخل الفن وحده، ولم تعط دورا قويا في بيت الأسرة.
{ لماذا رافقت الصور الشعرية بنية الرواية، وما الهدف من هذه المؤثرات الشعرية لريماس؟
- عشقي للشعر بلا حدود، وأنني تركت كتابة الشعر كنصوص منفردة منذ زمن طويل، لكني أضعه في الرواية، أحيانا جزءا ممسكا بقوة بلحم السرد وأحيانا إشارات يمكن الوثوق بها لتفسير ما لم يستطع السرد المتداعي تفسيره، لقد فعلت ذلك في روايات عديدة كتبت أغنيات المغني في زحف النمل، وقصائد شبيهة بالتراث في مهر الصياح، وكانت زهور تأكلها النار بحاجة لهذا الدم الشعري، خاصة أن ريماس كان حالة اخترعتها وتشبعت بها، وأظنني لم اكن مبالغا في ذلك. هناك مقاطع عديدة رسمت الحياة بألوانها كلها ورسمت الحب والدهشة والرعشة أيضا، وكان يمكن أن ترسم أشياء أخرى حميمة، لو لم  تجتاح الفوضى مدينة السور وتقضي عليها.
{ جلوس الحملان تحت مظلة الذئاب. اغرقت الرواية بالتلميح لمذا كل هذا الغموض؟ 
- لا يوجد في رأيي أي غموض، وطريقتي في الكتابة معروفة منذ زمن طويل، أنا أهتم بالحكاية وفي الوقت نفسه أكون حريصا على كتابتها بلغة  جيدة، ويمكن تذوقها، أحب رسم الشخصيات بتأن، وأكتب حركتها في النص بحيث يفهم القارئ تماما، ويستطيع أن يشمر عن ساعديه ويمشي خلف الحكاية. هناك أشخاص لا يعجبهم أسلوبي السردي، وهذا حق مشروع فهو ليس إجباريا، ودائما ما أقول مخاطبا القراء بأنهم ليسوا مجبرين على متابعة كاتب لم يتذوقوا أسلوبه من الكتاب الأول، وشخصيا أفعل ذلك من دون أن أكرر في كل مرة أقرأكتابا لأحد بأنني لم أتذوق أسلوبه.
{ تهدف الرواية الي اظهار الفواحش الفكرية المرتبطة بموروثات لا علاقة لها بالاديان ما الذي تريد معالجته؟ 
- أظنني وضحت الكثير في الرواية، وتطرقت لكل ما رأيته معوج في الحكاية من دون أن أسعى لتقويمه لأن الكاتب ليس مصلحا اجتماعيا ولم يعد التنوير من الأدوات الحساسة في هذا الزمان، الذي أسميه زمن الوعكة، أبسط شيء ومع وجود التكنولوجيا وإمكانية الوصول إلى الناس في أسرة نومهم، أن يشتمك شخص لا يعرف عنك أي شيء، ولا يعرف أصلا ماذا تكتب. وتمر بي يوميا صور لعينة لأشخاص انتشلوا سير كتاب أعلام من الماضي، وعلقوها على مشانق الكلام الفارغ، وادعاء المعرفة، وهناك من لا يعرف أصلا من هؤلاء العظام وماذا قدموا.
{ سطوة الرواية حاليا تشبه سطوة الفكرة التي تناولتها روائياً هل لانها تخدم المجتمعات في اظهار سلبياتها؟ 
- لا، سطوة الرواية بسبب الفراغ، والوهم، وسهولة الوصول لقارئ ما في مكان ما، وأيضا دور النشر التي سهلت طباعة اللغو، وتلك التي تصنع يوم الكاتب كما وصفته، وهو اليوم الذي يتأنق فيه الكاتب ويأتي بزهوره وحلوياته ليوقع لأصدقائه في معارض الكتب، الموضوع لم يعد ظاهرة وإنما مرض مستوطن في كل المعارض.
{ تعدد الطوائف والهويات الا نعاني منه اليوم؟
- بالطبع نعاني منه، وبذا تكون زهور تأكلها النار رواية معاصرة بقدر ما هي مستلة من عمق التاريخ.