بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2019 12:00ص الروائي حميد الحريزي لـ «اللــــواء»: أرى أن كُلّ شاعر أو قاص وروائي هو ناقد وإن لم يمارس النقد

الروائي حميد الحريزي الروائي حميد الحريزي
حجم الخط
الثلاثية الروائية للروائي حميد الحريزي هي حصيلة معاناة ذاتية، وتفكّر وتدبّر للواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي العراقي لأكثر من ثمانية عقود، كذلك هي حصيلة قراءة ومتابعة لفن الرواية العراقية والعربية والعالمية منذ بداية الشباب في نهاية الستينات وبداية سبعينات القرن العشرين ولحين التاريخ. 

وقد زرع الثلاثية بالتعويذات التي تستدعي الكثير من التفكّر والتدبّر من القارئ العادي ناهيك عن القارئ الناقد في فك شفراتها وأحجياتها، فقد كتب الرواية بلغة بسيطة ميسّرة خالية من الفذلكة اللغوية والتعقيد الإنشائي والبلاغي، وصل حد إدخال «اللغة الشعبية» في العديد من الحوارات لشخصيات الرواية لتلامس لب الواقع المعاش في الوقت الذي تبتعد عن تسطيحه وابتذاله، وتحثّ الرواية القارئ على متابعتها بموضوعية لولادة الوعي عند الإنسان البسيط، عند الإنسان المضطهد والمقهور، فالاحساس بالظلم يقود الفرد المرهف الاحساس والشجاع الى سلوكيات وطرق من أجل الانتقام والمقاومة والخلاص والتخلّص من الواقع المعاش فإما أن ينجرف في طريق الجريمة كالسرقة والقتل والانتقام من مضطهدية سواء أكانت السلطة أو المجتمع، أو تؤدّي به الى الإنكفاء على الذات والعزلة وحتى الى الجنون والانتحار، أو الى سلوك طريق الثورة والتمرّد الثوري الواعي من أجل بناء حياة أفضل توفّر له ولمجتمعه وطبقته الكرامة والعيش السعيد... 

ولا شك ان الرواية منحازة الى قضية العدل والحرية، منحازة الى قضية ومعاناة الفقراء والمعدمين ومضطهدي شغيلة الفكر.. صدر له كتاب «روايات قصيرة جدا» ضمَّ أربع روايات قصيرة جدا: «أرض الزعفران، المقايضة، القداحة الحمراء، المجهول». كما صدر له مجموعة شعرية بعنوان «مشاهدات مجنون في عصر العولمة» وغيرها..

ومع الروائي حميد الحريزي أجرينا هذا اللقاء:

{ بعد كل الأحداث التي تعرّض لها العراق صدرت ولا زالت تصدر أعداد كبيرة من الروايات، فكيف ترون هذه الظاهرة؟

- فتحت الأحداث بابا لحرية التفكير والكتابة، الواقع العراقي بمختلف مستوياته قبل السقوط وبعده يحمل الآلاف من الثيمات الروائية التي تفتش عن فرصة أو عن باب ونافذة للتعبير عن نفسها، الرواية باعتبارها الحيّز الأوسع للتعبير عن مشاعر الذات وعن التحوّلات في المجتمع لذلك كانت الجنس الأدبي الذي هيمن على الساحة الأدبية في الوقت الحاضر، لا شك ان فيه الغث والسمين، ولا ضير في ذلك أبدا، حيث سيفرز الناقد والمتلقّي بين الرواية الجيدة والرواية الركيكة.

{ أنت شاعر وروائي وقاص وناقد وصحافي، أين تجد نفسك في هذا الجمع من الاهتمامات والإبداعات المتنوّعة؟

- لكل جنس أدبي لحظته وحضوره في مخيّلة الكاتب، فالشعر وليد لا يحتمل الانتظار وهو نتاج لقاح حالة حب وفرح، أو حالة هم وكدر تزرع في رحم روح الأديب ترى النور دون أن تستأذن الكاتب. القصة مشهد وصورة معبّرة عن حالة بعينها وشخصا بذاته تنمو في مخيّلة الأديب وتطالبه أن يظهرها على الورق. الرواية الحيّز الأوسع والأشمل والأكثر تعبيرا يجسّد مضمون الشعر وصورة القصة وتحوّلات الشخصيات وارتباطاتها بالمحيط ويتابع تحوّلاتها في المستقبل والذي لا يمكن أن تفي به وتعبّر عنه القصيدة والقصة بمختلف أنواعها. ومن يهتم بهموم الناس ومتابع للوضع السياسي لا بد له أن يهتم بالمقالة الصحفية.

{ كيف ترى النقد ودوره في تطوير المنتج الأدبي بمختلف أجناسه؟

- النقد حاضن وراعي كل أنواع الأدب من شعر وقصة ورواية، فهو المصباح الكاشف والسمين المحبّب لكل هذه الأجناس الأدبية، الحكيم الناصح والأستاذ المصحّح والمصباح الكاشف لخفايا وتأويلات النصوص، وأرى ان كل شاعر أو قاص وروائي هو ناقد وان لم يمارس النقد.. أنا شخصيا أجد متعة كبيرة عند ممارسة النقد كمتعة من يسمح له التجوال في رياض جميلة، وكمتعة طالب يتمكن من حل مسألة رياضية تستدعي من التفكير والتأمّل. ونتيجة لموسوعيتي الثقافية وحملي لأكثر من هم اجتماعي وثقافي وأدبي أجدني آنس لكل هذه الأجناس الأدبية، أحس بطعمها واستمتع بكتابتها كما يستمتع الإنسان بمختلف أنواع الثمار والفواكه كل في موسمه ووقت نضوجه...

{ تكتب القصة القصيرة جدا بأسلوب حديث رغم انك من جيل سابق، فكيف ترى القصة القصيرة جدا؟ وما هي آفاق تطوّرها وحضورها على الساحة الأدبية العربية والعراقية؟

- أرى ان أفضل أسلوب لكتابة القصة القصيرة جدا «القصيصة» هو الأسلوب الحديث حيث الاختزال والتكثيف والحكاية والخاتمة المدهشة باعتبارها ملح وملاحة «القصيصة». لذلك اخترته أسلوبا لكتابة هذا النوع القصصي. مع أني أرى أن «القصيصة» أثبتت وجودها في الوطن العربي وخصوصا في المغرب العربي، وهي تحاول أن تثبت أقدامها على الساحة الأدبية العراقية وهناك مهرجان كبير للقصة القصيرة جدا سيقام في نهاية هذا العام في مدينة الناصرية في العراق، بعد نجاح المهرجان الأول في العام الماضي.