بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آذار 2023 12:00ص الروائي شهيد لـ«اللواء»: «كل ما كتبته ما هو إلّا نوع من المناورة الوجودية في ظلّ هذا الواقع الذي نعيشه»

الروائي شهيد الروائي شهيد
حجم الخط
رواية «ناقص خمسة» للروائي شهيد هي محاولة لتفعيل وعي الطبقة الوسطى.. بمعنى أن ما أراد تفكيكه في هذه الرواية هو الوعي الخاص بهذه الطبقة.. هناك حقيقة لا بد من الاعتراف بها وهي ان الطبقة الوسطى التي ندّعي الانتماء إليها هي في مرحلة العجز التام في الوقت الحالي.. في رواية «ناقص خمسة» رسم الروائي دورا نظريا لما يمكن أن تقوم به تلك الطبقة وأراد من ذلك تذكير من يدّّعي الانتماء إليها بأن هنالك شيئا من «الإمكانية» ما يزال متاحاً وان كل تغيير وعلى كافة الأصعدة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال «ممارسة وجودية» مهمة جداً وهي «إعادة إنتاج الوعي» وهذه الممارسة من اختصاص الطبقة الوسطى. فهل من جدليات فرضت نفسها في رواية «ناقص خمسة» أم أن للطبقة الوسطى همومها المختلفة من وجهة نظر الروائي شهيد؟..
ومع الروائي شهيد أجرينا هذا الحوار:

{ روايتك ليست لتسلية القارئ والروائي يعالج غالبا المشكلات الاجتماعية والسياسية وغيرها، ما رأيك؟
- من المؤكد ان البُعد الوظيفي للرواية يمكن أن يتحدد بأكثر من اتجاه فبالإضافة إلى عنصر الإمتاع والذي يعتبر من العناصر المهمة في نجاح الرواية لا بد من الاهتمام بجانب آخر يتعلق بما يريد الكاتب أن يقوله ويوصله إلى القارئ من خلال روايته، لكل رواية رسالة وكل كاتب له قصدية تظهر بياناتها كمحصلة نهائية في وعي المتلقي بعد إكماله لقراءة النص، كل كاتب يجب أن يكون له مشروعه الخاص، بالنسبة لي فأن مشروعي الكتابي متعلق بالقيم، من خلال رواياتي أحاول أن أساهم في تغيير وعي المتلقي من خلال إنتاج مفاهيم قيمية مضادة للمفاهيم القيمية الحاكمة للوعي العام، الرواية بالنسبة لي مشروع لصناعة الوعي لذلك قيل بان رواياتي فيها الكثير من الأفكار والقليل من السرد.
{ تحتل القصة العاطفية للسياسي مكانا مهما في السرد، أين أنت من الرومانسية المرتبطة بالرواية السياسية؟ وما رأيك بذلك؟
- عليّ أن أعترف بأن رواياتي بعيدة عن الجانب الرومانسي، رغم جمالية ذلك الموضوع إلا انني لم أفتح له بابا في أسوار نتاجي السردي، ربما ما زلنا منشغلين عن ذلك بهمومنا الوجودية الأكثر إلحاحاً.
{ «ناقص خمسة» ودعم الشخصية التي تشكّل جدليات في واقع أردت له أن ينكشف، هل أعتبر هذا تخطيط روائي تتخفّى من خلاله؟ ومتى الروائي شهيد يلجأ الى القطبة المخفية؟
- برأيي ان الرواية لا تمثل جانب تخفّي بالنسبة للكاتب وإنما هي احدى الممارسات الوجودية التي «تمظهر» شخصيته بحيث يمكن وضع قراءة لشخصية الكاتب من خلال تفكيك نتاجه السردي، الكتابة كأداة من أدوات الإنسان التي يعبّر بها عن وجوده هي المرآة العاكسة لوعيه وتوجهاته الوجودية، بالنسبة لي فان رواياتي تمثل جزءا كبيرا من منظومتي المفاهيمية وبواسطتها أسعى إلى إيصال الأفكار والمفاهيم الخاصة بي والتي أعتقد بأنها ستساهم في صناعة وعي جديد وبالتالي فان كتابتي سيكون لها دور في تغيير الواقع، وأنا أعتبر انني أكشف عن ذاتي من خلال الكتابة كعنصر وجودي يطمح أن يشغل حيّزا في هذا الفضاء المعرفي الواسع.
{ قدّمت في روايتك مناورات مخفية لمستقبل ستكرر فيه الحاضر الذي حاولت معالجته وإن طوباويا ولكن ضمن المغزى الروائي المخفوق سياسيا. تريد لروايتك هذه أن تولد مع الأجيال الجديدة أي جيل2035؟
- أولا أريد أن أشير الى ان كل ما كتبته ما هو إلا نوع من المناورة الوجودية في ظل هذا الواقع الذي نعيشه ليس أمام الفرد الذي يختار جانب المقاومة إلا اتباع السلوكيات المناورة ومنها الكتابة.. من خلال «ناقص خمسة» أردت مقاومة طبقة تحمل كل ما يتضمنه القاموس من مفردات السوء... في الرواية قدّمت مقترحا لواقع افتراضي ربما يعتبر مأزقا ليس للطبقة السياسية فقط وإنما لطبقة الشعب أيضا.. التغيير الذي نحلم به لا يمكن أن يدخل في دائرة التحقق وفق الاشتراطات الواجب تنفيذها من طرف الطبقة السياسية فقط وإنما يجب إنجاز ما يتعلق بالطرف الأكثر فاعلية في المعادلة وهو الشعب... الاشتراط المتعلق بالشعب والمطروح في «ناقص خمسة» كان في غاية الحساسية لانه يتطلب ممارسات تعتمد على تجاوز الوعي السائد والانتقال إلى وعي آخر أكثر تطورا...
{ لماذا تغيب الروايات العربية الحديثة عن الدراما والعراق يمتلك من الروايات المهمة الكثير؟
- ‏فيما يتعلق بغياب الرواية العراقية عن الدراما لا بد من الإشارة أولا الى ان الحركة التشغيلية للإنتاج الدرامي في العراق بطيئة جداً ولا تواكب ما موجود في العالم.. هذا التأخّر المشخّص انعكس تلقائياً على فرضية استفادة الدراما من المادة الروائية القابلة للتحويل من مادة مقروءة إلى مادة مرئية.
{ لو وضعت أمامك روايات عراقية ماذا تختار من العناوين؟ وأي الكتّاب العرب تحتفظ بكتاباتهم؟
- بالنسبة لي وفي بداية تكوين وعي السردي حاولت الاطّلاع على أكبر قدر ممكن من النماذج والتجارب السردية فقرأت لأغلب الروائيين وكتّاب القصة العراقيين والعرب فكانت قائمة الأسماء طويلة جدا وكل من قرأت لهم استفدت من تجاربهم الكتابية.
{ من هو الروائي شهيد؟
- التعريف بالنفس أصعب مأزق يواجهه الإنسان.. قبل فترة تمكّنت أن أضع لنفسي بطاقة شخصية وتجرّأت على نشرها وكانت كالآتي:
الإسم: شهيد فقط.. تضامناً مع اللقطاء..
المواليد: لا أعرف اليوم الذي ولدت فيه وهذا من حسن حظي.. من حسن حظي أيضاً ان أهلي اختاروا لي تاريخ ١/١ وهو نفس اليوم الذي ولد فيه النبي الذي صرخ قبل وفاته: إلهي.. إلهي.. لماذا تخلّيت عني؟...
الديانة: قبل أن يبلغ عمري نصف قرن بعشر سنوات أدركت اني كافر بكل دين إلههُ يحرّض على القتل...
المهنة: فلاّح في حديقة القيَم... 
الحالة الاجتماعية: غير متزوج ولكني أنجبت أربع حماقات..
بلد الإقامة: أي بلد ينقطع فيه التيار الكهربائي هو بلدي...
الهواية: اللعب مع الكبار...
الأكلة المفضلة: عندما أكون جائعاً ستكون إجابتي أكثر دقة...
الأمنيات: سأرتب أمنياتي تصاعدياً:
- أتمنى أن أعود لمرحلة الطفولة لكي أعيد ترتيب أحلامي من جديد..
- أتمنى أن يقوم ابني بتربيتي..
- أتمنى أن أخرج إلى الشارع فأجد أصحاب الصور الكبيرة قد رفعوا صورهم المخيفة ووضعوا بدلها كلمة اعتذار... 
- أتمنى أن يتم تغيير اسم بلدي.. أن يكون له اسم انثوي..
- أتمنى أن لا أصل الى مرحلة أرذل العمر.. 
- أتمنى أن أموت في يوم ممطر...
- بعد موتي أتمنى أن لا أُدفن في مقبرة طائفية.