بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيلول 2018 12:04ص الروائي فكري داوود لـ «اللـــواء»: إنحسار التلاقي بين الادباء العرب نتيجة لأزمة ثقافية حقيقية

حجم الخط
بدأ الروائي والقاص والباحث «فكري داوود» بفن قصصي متأثر بالغربة،  وبخلطة تألق بها اسلوبه المتعدد التقنيات من حيث الرؤية والمشهد الاجتماعي المضمخ بتفاصيل هي من الاسس الفنية، ومقومات البنية في قصصه ورواياته سواء القصص التي تترابط من حيث تناوله للموضوعات الحياتية المختلفة او من حيث القيمة الاسلوبية ، فيما قدمه حتى الان من اعمال روائية وقصصية هي بمثابة هويته الادبية الخاصة ..مع الروائي والقاص والباحث «فكري داوود»  اجرينا هذا الحوار ..
{ ما هي ازمة القصة اليوم، ولماذا برايك هذا التقهقر لها في دور النشر؟
- أزمة القصة تكمن، في أنها فن مراوغ، يحتاج إلى كاتب يمتلك خبرة كبيرة، وصاحب معرفة تامة بأشراطها القديمة والحديثة، علاوة على الموهبة، والمقدرة على كتابتها، فالمعرفة النظرية وحدها لاتكفي، إذ لابد من الإحاطة بتقنيات كتابة القصة، وفي ذات الوقت القدرة على استخدام  تلك التقنيات...، فقوة القانون تكمن في القدرة على تطبيقه تطبيقا صحيحا، لا القدرة على مجرد حفظه وترديده. وتزداد الأزمة مع استسهال الكثيرين، الجاهلين بالتعريفات والتقنيات،  أو الحافظين لها دون قدرة على الممارسة الصحيحة. وربما ساعد على تلك الأزمة، اتجاه الكثيرين من الكتاب والناشرين إلى الرواية، معتقدين أن أي سرد للتاريخ الذاتي للكاتب، يمكن اعتباره رواية، غير واعين بأن مجرد السرد  المجرد من الرؤية، لايمكن أن يصنع رواية أو فنا.
{ الكاتب فكري داوود بين القصة والرواية اين يستريح ومتى يقف عند حدود مقالة ما؟
- ربما تأسرني مقولة تستخدم كثيرا وهي «الرواية ديوان العرب»، وقد أنجزت روايات خمس هي: (المتعاقدون – دار أخبار اليوم - سلسلة كتاب اليوم -2009/عام جبلي جديد- مطبعة الإسراء -2006/وقائع جبلية- هيئة قصور الثقافة -2007/ طيف صغير مراوغ – هيئة الكتاب -2009/ الشوك والياسمين – دار الهلال – روايات الهلال -2018)، وتحت الطبع:(خلخلة الجذور/دروب الفضفضة)...كما حصلت أخيرا على منحة التفرغ لاستكمال مشروعي الروائي، حول عوالم القرية المصرية، وتأثرها بالأحداث الداخلية والخارجية، في العقود الأخيرة، وهذه المنحة من  وزارة الثقافة المصرية، والمجلس الأعلى للثقافة.
ومع ذلك فقد بدأت كاتبا للقصة القصيرة وأنجزت فيها ست مجموعات، منها اثنتين للأطفال ا(الحاجز البشري2006/صغير في شبك الغنم2001/ العزومة2013/ دهس الطين2016/ سمر والشمس2004/الاختيار الصحيح2009)، كما أن لي تحت الطبع:(رحيق الجميز/صعود المداخن).
{ الانحسار الثقافي في الوطن العربي تبعه إنحسار التلاقي بين الادباء في الوطن العربي هل هي ازمة اقتصادية مادية ام ازمة ثقافية حقيقية ؟
- للأسف هذا الانحسار الثقافي، الذي تبعه انحسار التلاقي بين الادباء في الوطن العربي، جاء نتيجة أزمة ثقافية حقيقية، فقد اختلفت المفاهيم المتداولة للثقافة، حيث بات الوسط الثقافي بشكل عام يعج بالصوت العالي، والسعي الحثيث للانتشار عبر الميديا أيضا، وهذا ليس دليلا على التميز،...ومن هنا أستطيع القول، أن المشكلة تكمن في عدم وجود التلاقي النوعي، لا الكمي، كما أنه لاتوجد مؤسسات رسمية تعتني بتأصيل المفاهيم الصحيحة، والتعريف برواد الحركة الثقافية العربية، أو على الأقل بالمؤثرين فيها، ناهيك عن التشرذم والشللية، داخل القطر الواحد، أو بين مجموعات محدودة، ببعض الأقطار، مما أدى إلى مزيد من الانحسار... هذا ولا أستبعد أيضا الأزمة المادية ومعاناة الاقتصاد في معظم البلدان العربية، ولا سيما التي تعاني من صراعات عسكرية وطائفية، أومشكلات مع التطرف والإرهاب، وتقهقر الاهتمام بالثقافة في خرائط المسؤولين إلى ذيل القائمة.  
{ اين كتاب القصة والسيناريو من كتابة السيناريو ولماذا هذا الاستخفاف الدرامي للادباء ؟
- بداية أقول: إنه لم يعد بيننا للأسف نجيب محفوظ أو عبد الرحمن الشرقاوي أو طه حسين، وغيرهم ممن كانوا يجيدون كتابة السيناريو بنفس إجادتهم لكتابة أعمالهم الإبداعية. وهذا سبب من الأسباب. وثمة سبب آخر يتعلق بما ذكرته آنفا، أن بعض الكتاب يستسهلون الكتابة دون وعي أو رؤية، فباتوا غير قادرين على كتابة السيناريو، مما نتج عنه الاستخفاف الدرامي بهم. وهناك من الكتاب أنفسهم، من يكتبون دون الوضع في الاعتبار، إمكانية تحويل هذه الأعمال إلى أعمال درامية.
{ ما الذي يستوققك اليوم في مسيرتك الادبية وما ابرز الصعوبات فيها ؟
- يستوقفني تماما هذا التغير الحاد في بنية المجتمعات العربية، وهذه التغيرات التي تجتاح العالم سلبا وإيجابا، ويستوقفني هذا التطرف بدعوى الدين أو العرق أو القبيلة...كما يستوقفني هذا الكم الهائل من العبث والفوضى، مما يجعلني أقف حائرا، سائلا نفسي: كيف يمكن لي ككاتب أن أعيد ترتيب الدنيا؟ كما يستوقفني سؤال ذاتي: وماذا بعد كل هذه الكتابات ومئات الدراسات حولها، وكم الجوائز والتكريمات والبرامج والمؤتمرات ...؟ لم يعد كافيا أن أكتب أية قصة والسلام، أو أية رواية، لابد من كتابة أعمال فارقة، فكلنا زائلون لامحالة، والخلود سيظل للكلمة.