بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 أيار 2021 12:00ص الشاعرة سهام قليلات شقير في (قلب على ورق «7»)

الوجدان ينبوع الكتابة

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
بعد ستة كتب بنفس العنوان صدر للشاعرة سهام قليلات شقير كتاب سابع بعنوان (قلب على ورق).

نصوص الكتاب تتوزع على محاور عدّة (العائلة - الأصدقاء - المجتمع - الوضع العام).

النفس الكتابي في كل النصوص واحد وهذا يجعل من الكتاب وحدة متراحة رغم تعدد المحاور.

كتابة نابعة من وجدان دافئ ينظر إلى ما حوله بعين محبّة تبتغي الخير في كل ما تراه وأن كانت الحميمية تبرز واضحة في النصوص المتعلقة بالعائلة، فالكاتبة ترى العالم الذي تتوق إليه في جو الأسرة (الزوج والأولاد) وهذا طبيعي ومنطقي من قلم (أم) إذ يكاد الحنان يتجسّد من خلال كلمات وعبارات النصوص الدائرة في فلك هذا المحور.

العائلة في نظر سهام شقير هي مركز استقطاب الشعور والانصهار الحياتي، استقطاب يتدرّج بالزخم عينه إلى أولاد الأولاد، إذ لا تميّز ما بين فلذة الكبد وفلذة كبده وتُبقي لشريك عمرها الأب الراعي والموجّه العطوف الحصة التي يستحقها فهو الباني المؤسس المنذور لعائلته النموذجية.

إهداء الكتاب إلى الوالدين العزيزين..

ومقدمته النص التالي وفيه مناجاة للوطن ودعوته للانتفاض وعدم الخضوع وأمل بعودته بارقاً لامعاً:



إلى وطني الغالي الذي يئنّ ألماً

إلى لبنان الحبيب الذي ينزف دماً

لطالما تحمّلت مصائب كل البلدان

من البعيد والقريب والغريب والجيران

وأنت تعاني من الغدر والعدو والعدوان

قم وانتفض وعدْ إلينا شجاعاً كما كنتَ

لا تخضع عدْ إلينا بالعمران كما بالماضي عمرت

لا بدّ من الأيادي الأثيمة أن تقطع

والوطن الحبيب يعود إلينا يبرق ويلمع


في عودة إلى محاور الكتاب تتواجد النصوص الموجّهة للأصدقاء على تنوّعهم لتدلّ بالتأكيد على الهالة التي تمنحها الكاتبة لمفهوم الصداقة، وكيف أنها تصل إلى مستوى التآخي من حيث الانصهار الإنساني المبني على منطق (ان الطيور على أشكالها تقع)، فهي ترى في فلك الأصدقاء عائلة أخرى لها بصمتها الجميلة وسماتها الملطّفة لضغوط الدنيا ومشاكلها.

فلك آخر يلتصق بفلك العائلة ليكمل صورة التفاعل المجتمعي الإيجابي الذي ان غاب تغيب معه متعة العيش.

فالنصوص الموجّهة إلى الأصدقاء تنضح عباراتها بمحبة صادقة ومجرّدة يغمرها الصدق وتدعمها تجارب الحياة وتلاوينها. فالحيّز الذي ناله فلك الأصدقاء من الكتاب يظهر بوضوح القيمة التي تمنحها الكاتبة لوجود الأصدقاء في حياتها ولا بدّ من ان هذا الفرز قد تمّ بعد (غربلة) وتمحيص استحقا جزءاً قيّماً من مسيرة العمر وخبراتها.

النصوص المجتمعية ان دلّت على شيء فعلى تعاطف الكاتبة مع المهمّشين وأهل الحاجة، ويتجلّى ذلك في الدعوة شبه الدائمة لأهل اليسر في المجتمع بمد يد العون لهذه الشريحة من المجتمع، وهنا تقوم الكتابة بواجبها من خلال الارتقاء إلى العام والنظرة الإنسانية الحقّة التي توجبها الأديان السماوية والعدالة الاجتماعية.

وتأخذ هذه النصوص حيّزاً مهماً من نصوص الكتاب ممتزجة مع ناحية أخرى توازيها أهمية وعلى ترابط عضوي معها ألا وهي ناحية الوضع العام.

لا تقف الكاتبة على الحياد تجاه مجريات الوضع في الوطن بل تضع الاصبع على الجرح في نصوص تحمل الكثير من الشعور بالمعاناة والمسؤولية تجاه وطن ترفض تخلّي أي من أبنائه عن مسؤوليته في تحقيق أمانه واستقراره وازدهاره.

وهنا تقوم الكتابة بواجبها الوطني الذي ان تخلّت عنه تفقد الكثير بل كل الغاية منها.

وتترافق الطروحات المجتمعية والوطنية مع إيمان ديني يظهر واضحاً من خلال ورود الكثير من آيات القرآن الكريم في نصوص كثيرة من نصوص الكتاب وهي الآيات التي تدعو إلى الرحمة والعدالة والمساواة وتحميل الراعي مسؤولية رعيته والاقتراب الديني هنا خالٍ من التزمّت إذ يرشف من جوهر الدين، الداعي إلى خير الإنسان وحقه في العيش الكريم.

كتاب سهام شقير الأخير لا يبتعد عن كتبها السابقة وإنما من المؤكد أن التجربة الكتابية ازدادت عمقاً وباتت تؤدي مؤدّاها الإنساني كما سبقها من إصدارات.



(يقع الكتاب في 320 صفحة من القطع الوسط 

في حلّة قشيبة ومزيّن بصور توائم نصوصه)