بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الثاني 2020 12:00ص الشاعرة والرسامة هدى نعماني في ذمة الله

الراحلة هدى نعماني الراحلة هدى نعماني
حجم الخط
توفيت اول من امس الشاعرة والرسامة هدى نعماني عن عمر ناهز التسعين عاماً بعد حياة حافلة بالعطاء الشعري والفن التشكيلي وكانت لها بصمتها الخاصة المميزة في كل عطاءاتها ان في الشعر او التشكيل مع حضور لافت في الحياة الثقافية اللبنانية العربية وهي التي ولدت في دمشق سنة 1930 وتلقت علومها في الثانوية الفرنسية ومدرسة الفرنسيسكان واختارت بعد انهاء دراستها الثانوية دراسة القانون في كلية الحقوق في الجامعة السورية وتزوجت من ابن عمها عبد القادر نعماني الذي كان عميداً في الجامعة الاميركية في القاهرة. سنة 1968 عادت الى بيروت حيث بدأت عطاءها في المجالين الشعري والتشكيلي مع تواجد ملموس في الوسط الثقافي اذ انه في وقت من الاوقات حولت منزلها الى ملتقى ثقافي لاهل الثقافة وتواجد فيه كبار المثقفين والمبدعين اللبنانيين والعرب وكان من الحضور شبه الدائمين الشاعرين نزار قباني وادونيس، مع تنقل في حياتها إذ عاشت لفترات في كل من باكستان والمملكة العربية السعودية والكويت بالاضافة الى بريطانيا والولايات المتحدة واستقرت في السنوات الاخيرة في بيروت للعمل على نصوصها الادبية وانتاجها التشكيلي.

تأثرت نعماني بالتصوف ونحت في ذلك منحى انعكس على معظم نتاجها الشعري والتشكيلي وظهر ذلك واضحا حتى في عناوين دواوينها ولوحاتها.

دماثتها قربتها من الجميع وكانت لها شبكة صداقات واسعة شملت الوسطين الثقافيين اللبناني والعربي كما ترجمت بعض دواوينها الى اللغات الاجنبية ولها تسجيل صوتي لقراءات شعرية في مكتبة الكونغرس.

على صعيد لنتاجها الصوفي قيل انها لا تشبه احداً في تجربتها فهي لم تقتبس تراكيب صوفية جاهزة ولا مفردات محددة ولم تقف عند المعجم الصوفي المغلق بمعانيه ورموزه ودلالاته بل كانت حرة في اقتباساتها وسعت الى تطوير اللغة الصوفية الشعرية مستعينة بقراءاتها الشعرية الحديثة الاجنبية والعربية لكنها في الدواوين الاخيرة راحت تعتمد الترميز الشعري المتكىء على مفاهيم صوفية عرفانية عميقة المعاني وكان على هذا الترميز ان تسجل اللغة نفسها التي اضحت لغة العرفان والتأمل والوجد.

حققت النعماني في ديوانها «اذكر كنت نقطة كنت  دائرة» المعاني الذي صدر في مطلع الثمانينات خطوة مهمة في ترسيخ تجربتها الصوفية الجديدة فحظي هذا الديوان بترحيب لدى الشعراء والنقاد وتم التوقف عند لغته الرمزية المشبعة بالاشارات والدلالات وطرح جدلية النقطة والدائرة طرحاً شعرياً يظهر خلاله البعد العرفاني والميتافيزيقي.

وكذلك  في ديوانها (رؤيا على عرش) وايضا في دواوينها (قصيدة حب) و(الآخر) و(انا) و(الجائز عند باب الممتتع) و(لا عذر للدم) و(اصابعي.. لا) و(هدى انا الحق) و(الوجد والتواجد).

 سبحت النعماني في عالم الصوفية بلغة حساسة وناعمة وكانت سباحتها موروثة، فجدها الاكبر هو الشيخ عبد الغني النابلسي وكذلك العلامة نجم الدين الغربي.

رحلة النعماني مع الشعر كانت رحلة مميزة ببصمتها الخاصة المتفردة والتي ستبقى علامة في النتاج الشعري العربي..

تم دفنها امس في مدافن الباشورة.. رحمها الله واسكنها فسيح جنانه.