تؤكد الدكتورة» منى محمد شريف» في كتابها الذي هو في الأساس اطروحة دكتوراه تحت عنوان «الشركة العائلية انتقال السلطة من جيل الى جيل» الصادر عن «دار جروس برس» على اهمية ريادة الشراكة العائلية ومرونتها في تكوين علاقات ذات بعد إنساني، وهذا ما لفتني في بحثها ودفعني لاكتب انطباعي عنه لأهميته الثقافية والبُعد البحثي في مجالات كثيرة. ربما تساعد مستقبلا في تكوين رؤية استثمارية للكثير من الشركات التي تمتد من جيل إلى جيل او بالاحرى المساهمات النظرية لاقتراحات عملية الخلافة في الشركات العائلية واهمية تطويرها مستقبلا . وهي في هذا الكتاب قدمت ما تؤمن به في هذا الصدد، لأنها مديرة تنفيذبة في شركة عائلية. لهذا سعت لتقديم الجهد في اطروحة هي المفتاح الذي يفتح الأبواب لدراسات أخرى اكثر تطورا مع الزمن الذي تنمو فيه الشركات العائلية وتنتقل من جيل الى جيل. فهل يمكن لكل ثنائي في العائلة أن يبدأ شركته التي تمتد الى اجيال اخرى عبر رأس مال صغير يحرك من خلاله عجلة المجتمع التي تبدأ من الاب والام فالاولاد والاحفاد؟ وهل يدخل كتابها في خاصية البحث الاجتماعي الاقتصادي الذي يستفاد منه ثقافيا؟
سؤال طرحته على نفسي قبل أن اخوض في كتابة انطباعاتي عن الكتاب لتمتد إلى ابحاث اخرى لكتاب آخرين من اجناس مختلفة. الا انني وجدت انها كتبته من خلال عملها كمديرة تنفيذية في شركة خاصة ومسؤولة عن التنمية والتطوير، وهذا منحه ميزة التطبيق والنجاح في ذلك حيث تمتد شركتها العائلية الى ابنائها، وهذا شهدناه في الكثير من الشركات العائلية العالمية واللبنانية دون ذكرها وحصرها هنا . الا أن ديناميكية التسلسل ما بين تعزيز التفاهم والتواصل بين الأجيال وإدارة الوصول تفتح المجال للقارىء ليبني رؤية خاصة تؤدي إلى ابراز اهمية التفاعل الثقافي بين الأجيال في الشركة مع اصحاب المصالح والثقافة التنظيمية التي اسست الشركة. لا شك أنها جمعت في كتابها باقة من الابحاث التي شكلت القاعدة الأساسية لمفاهيم انطلقت منها هي ذاتيا بموضوعية ذات اسس عبرت من خلالها عن كيفية الانتقال الناجح الذي يتم عبر خطوات متعددة وصولا الى دور العائلة واهميته ومراحله والمبني اساسا على التفاهم والتناغم بين الزوجين فالاولاد، فالاحفاد وعلى قاعدة اقتصادية لا مفر منها والاهم من ذلك «في المرحلة الاولى يكون للأم الأثر البارز في تقوية التلاحم بين الأبناء والتغلب على مشاعر الحقد التي قد تنشأ بين الأبناء» فهل نسج العلاقات في الشركات العائلية تبدأ من الأم؟ وهل للعاطفة دورها في تنمية المراحل المساعدة في التأسيس والاستمرار؟ وما اهميتها في توطيد وتحفيز الارتباط الاجتماعي بين الأبناء والموظفين فيما بعد؟
تشذيب شجرة العائلة وتربية الأبناء كقادة واداريين في الشركة وعناوين أخرى تؤدي بمجملها الى اكتشاف الحقائق في مجال العلاقات الإنسانية بين الأفراد واهميتها من الناحية العاطفية والعقلية معا. اذ تؤدي كل منها دورها في تكوين الجذور الأساسية التي تساعد على الأستمرار والبقاء من جيل إلى جيل، فالتبادل الاجتماعي الاقتصادي ونسيج خصائصه المميزة بين الأفراد والمجتمع نفتقده كثيراً ولا اعرف إن كان يمكنني الفصل هنا بين العربي والغربي إلا أنني بعد قراءة هذا الكتاب بحثت عن الشركات العائلية وانتقال السلطة من جيل إلى جيل فكريا وادبيا وثقافيا وتساءلت لماذا نحن ما زلنا بحاجة للكثير من الشركات العائلية لكي ننهض ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، ونتخطى من خلال ذلك الكثير من الأزمات التي تعصف بنا؟