هل المعاناة سبباً لولادة الشعر؟! سؤال لطالما طرح دون الوصول إلى جواب شافٍ.
أصحاب النظرية يستندون إلى الماضي لدعم وجهة نظرهم يقولون على سبيل المثال ان امرؤ القيس لولا نكبة ما كان شعره بهذا التألّق وكذلك أبا فراس الحمداني لولا أسره.... الخ... وكذلك في العصر الحديث فنزار قباني من أروع ما كتب يوم رحيل زوجته.. وبدر شاكر السياب خلال مرضه الخ...
موضوع قابل للنقاش من منطلق ان هناك حالات أخرى قد تكون محرّضة على الشعر أو مولّدة له..
فالحب والعشق على سبيل المثال كان السبب في ولادة أجمل الشعر حتى في الماضي، فلدينا جميل بثينة وعمر بن أبي ربيعة وكذلك عنترة العبسي.. اعطوا في الحب روائع لا نقاش حولها.
والحقيقة ان جَيشَان الوجدان مهما كان نوعه هو سبب كافٍ لولادة الشعر وحتى بقية أنواع الإبداع.
المهم هو تواجد المواد الأولية في تركيبة المبدع التي تميّزه عن غيره من خلق الله تشكّل حقلاً خصباً مع جيشان الوجدان لولادة النص البارق.
وإذا دققنا في الواقع الشعري الحالي نكتشف نضوباً في العطاء لا يمكن مقارنته بما سبق ذكره.
فهل السبب في الوجدان أم ان صخب الحياة وتغيّر نسق العيش وربما إلى حد ما طغيان التكنولوجيا ومادية العصر هما السبب؟!..
فإذا كانت المآسي هي سبب للإبداع فلدينا منها الكثير.. وإذا كانت الناحية العاطفية هي السبب هناك طوفان منها وان كان معظمه على اندماج بمادية العصر.
كم نتمنى أن يأتي وقت يستطيع فيه القول ان لدينا من العطاء الشعري ما يضاهي ما سبق...
لكن دائماً..
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ
تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ