تتسرّب الشفقة على الذات الى كل منّا تسرّبا طبيعيا. وكل امرئ يفترض انه لن يفهم تماما ولن يقدّر حق قدره. ولكن الشفقة على الذات هي ألد أعدائنا وإن نحن استسلمنا لها لم نتمكن قط من القيام بأي عمل في هذا العالم. الشفقة على الذات هي بالنسبة الى الحياة كالسم في الطعام. ومن الغريب أن يتجلى إنسان فرد من الوهن بسبب ألمه أو مشكلته بحيث لا يتسنّى له أن يشارك ولو قليلا في الجحيم الذي يقيم فيه أقرب المقرّبين إليه.
التذمّر موت للحب. والشعور بالأسف على أنفسنا هو من أشدّ الأمور تقويضا لاستقرارها. الشفقة على الذات هي من أخطر أشكال مركزية الأنا. انها تشوش رؤيتنا. وان سماع الشكوى والتململ لمرهق بإزاء البؤس والسعداء على السواء. انه نقيض أجواء الإيمان الراسخ. وإذا كان المرء ملحدا حقا، تبيّن ان السبيل الوحيد المتاح له للتخلص من حلقة الشفقة على الذات الجهنمية، هو التوقف عن مقابلة الذات بالآخرين والاكتفاء بمتابعة المسيرة الذاتية في هدي الضمير الحي. هكذا ، لئن تبيّن الوجع (الجسدي) لا مفر منه فان الألم (النفسي) شبه اختياري الى حد كبير.
في مجتمع يستحوذ عليه سلوك سادي ومازوخي (معا!)، أدعو الى ثورة حقيقية من أجل الحق الذي منه وحده ينبثق لبنان الجديد. وحدهما الحق واحترام الذات يعتقاننا مما نتخبط فيه من الضياع. كونوا أولا ثورة على ذواتكم في موضوعية ومحبة على السواء.
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه
(بوسطن)