بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 أيلول 2018 12:23ص القلب المخرمش في رواية «ترتر» للروائي العراقي نزار عبدالستار

حجم الخط
ابحر الروائي «نزار عبدالستار» في عوالم» اينور» المرأة ذات الاب الالماني والام التركية. لتنعكس الصورة السلبية للمرأة العراقية في رواية» ترتر» الصادرة عن «دار نوفل» التي تنتمي الى تاريخ بدأه في اسطنبول عام 1898 شهر تشرين الاول مع ابنة الرايخ الثاني في بحث روائي يشبه الحملات العسكرية وديناميتها الخاصة بها من حيث التواريخ والاحداث المتجذرة في العمق السردي والبناء الفني للرواية، وبتفصيل عن زيارة فيلهلم ومشروع سكة الحديد بتنامي الحدث ببطء تسرب اليه الاسراف بوصف ازياء اينور وحركتها المولعة بالاناقة وبالماركات العالمية. لتستأثر اينور بصفحات الرواية الترترية ضمن متاهات التاريخ والحياكة النسيجية، والموضة بمقاربات نفذها بأريحية ذاتية نابعة من حب الروائي للشخصية الاوروبية، وللحضارة التي انجبت اينور ابنة الرايخ الثاني التي قامت بتأسيس مصنع جوارب في الموصل تم تدميره فيما بعد، وتحقيق حلمها النسيجي دون حياكة لمؤمرات امرأة غادرت الموصل فجأة تاركة فيها عبق رودولف وبيت البهجة او بازار بيت الرغبة او بيت المتعة، وبتقلبات مزاجية تنم عن تشابك الخيال دون التشبث بفرضية اللاوعي المرتبطة به او المرتبطة بالتحليل النفسي للشخوص الذين انفردوا بمسألة الاعجاب باينور او بالمهمة التي قامت فيها بالموصل في ربيع 1906 او شباط 1907 والشخصية التي لا وجود لها على الاطلاق وفق رسالة موجهة الى الكولونيل تايلر اليوت من ليوتنانت روني لوك. فهل هذه الرسالة هي بداية مشكلة الموصل الحقيقة؟ ام ان الالمانية الاب والتركية الام واليهودي شاؤول جلعادي هما رواية شائكة في علاقة معقدة لم تتحرر من الصراع بين الدين والحداثة،  ومن الاطماع الغربية في المنطقة العربية، وان كانت سابحة في الجهل والتخلف تبعا لرؤية الروائي في تخطيط رواية ترتر وصناعتها التي تصور المواقف السياسية في الدولة العثمانية قبل احتلال الموصل. 
تشاركت فرنسا وبريطانيا في الاقليم العربي كما تشاركت اينور ورودلف في قصة حب ينقصها الوفاء والاخلاص الذي لم يتحقق،  كما بقي الشك عند اينور بخيانتها مع نساء بعد التشكيلات الاستخباراتية التي جعلت منها امرأة تقود الصراع بين الدول في مدينة الموصل التي تتخيط بين القبول والرفض لعلم الطب الذي جاءت به، وعلم النسيج والحياكة لصناعة الجوارب وشركة رودولف لتعزيز المشاريع التي من شأنها خلق فتنة بين اهالي الموصل والالتزام الاجتماعي او الديني التقليدي ، فهل اقترنت اينور بالخطر العثماني الالماني  في بلاد فارس ؟ ام ان السرد في رواية ترتر تأثر يشخصية اينور لدرجة كبيرة. مما اعطى الكثير من الغموض في المعالم السردية التي تقطعت بين اينور والحدث التاريخي ضمن القوة الدبلوماسية التي امتلكتها اينور، وافتقدها اغلب الشخوص في رواية وضعت اينورفي مواجهة  التغيرات اثناء وجودها في العراق مع المرأة العراقية او الموصلية   التي لم يستطع» نزار عبدالستار» استحضار صورتها الرئيسية او جمع تراثها القديم اونضالها الذي لم يخبرنا التاريخ به.
استلهم الروائي «نزار عبدالستار»  روايته من الهاماته الاينورية او القمر الذي لم يكتمل،  وما لبث ان اختفى دون اثر وطني غير مزدوج حقق غايته في استرجاع الاحداث،  ومن مخطط روائي تكحل بالحقائق التاريخية الموصلية اولا دون اللجوء الى النوع الرومانسي الذي ما جمعنا مع اينور ورودولف في مشاهد عابقة بالحب، وانما بالذكريات المؤلمة والتصوير التخيلي القائم على امرأة فاتنة تؤدي طقوسها الاميريةالجافة منعزلة بشكل سادي، ومبتعدة عن مشاركة الاخر الميت رغباتها في واقع تفتقده فيه كما فقدته في حياته . اذ بدا الخيال مغريا في مسيرة التاريخ وتمثيلاته التي لم تترك اثرا في رواية حملت بعض الاحداث من تاريخ مر على العراق في اعوام حددها ، لتكون الرواية محدودة الزمن بين تشرين الأول 1898حتى تشرين الثاني 1918 وبهذا تكون فترة اينور القمرية  في ثلاثين سنة هي ترتر علم السلطة العثمانية الذي انحدر نحو الهاوية بعد احتلال الموصل. فهل رواية ترتر هي مرآة لعصرنا الحالي التي لم نستكشف من خلالها خصوصية المجتمع العراقي في السنوات التي منحها الهوية الترترية ؟ 


ضحى عبدالرؤوف المل