بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 تموز 2021 02:59م اللامعنى واللاشي (ثقافة اللاشيء)

حجم الخط
بقلم الفنان ريمون أبو حيدر

لا تريد أن تضيع وقتك على كلمة لا تعني شيئًا ... فإن أول فكرة تدور في رأسك على إن هؤلاء الناس هم في طبيعتهم البكتيرية.. لا ثقة بهم فكل ما لديهم إرادة شرهة في الوصول الى السلطة، وهذا افتقار إلى النزاهة مهما حدثنا البعض عن القيم والأخلاقيات والشعارات البالية لاقيمة لها، يسارا كانت أم يمينا....

سلطة اللاشيء- ثورة اللاشيء – ثقافة اللاشيء – عدالة اللاشيء – مذاهب اللاشيء –تيارات يسارية ويمينية تائهة، اعلامنا قيمنا اخلاقياتنا لاشيء، الإنسان وحده يدفع الثمن مقابل لاشيء ... هذا ليس باحباط بل هذا أصبح واقعا، ومشهدية الإنهيار وهدم الهيكل بالكامل هو الشيء الأجمل والأقوى كما التذوق لعمل فني ما .
فقدنا كرامتنا حين توقفنا أن نسأل أنفسنا: من نحن ؟ ولماذا نحن...؟ لماذا لا نقوم من العدم بعمل شيء ما؟ لماذا نعيش بشيء على أنه تبعثر لأشياء وجعلها شيئاً ما، ومن ثم نجد أنفسنا امام امتلاكنا لحياة معدومة من الأشياء. الرغبة في إرضاء شغفنا للحصول على إجابة، الاعتراف بأنه يجب علينا مرة أخرى أن نسأل أنفسنا عن حقيقة وجودنا لنشعر براحة تامة وأن نذكر أنفسنا بأن هذا لا يؤدي بالضرورة إلى فوضى التي قد يتوقعها المرء، بينما الاعتقاد دون هاتيك الأسئلة حياة الإنسان تكون فارغة تمامًا، وأظنه المطلوب، على أن يبقى غافلاً عن حقيقته ونكران وجوده.

كل شيء تافه والتفاهات خطابات هرمة مملة، نظريات وتحليلات لاقيمة لها، ومواقف ضعيفة، تارة باسم السيادة وتارة باسم شعارات تحرضية طائفية وتارة تكون هذه الشعارات اجتماعية كاذبة كالأحزاب العقائدية ومنها العلمانية إن كان بشكلها اليساري كلها أحزاب رجعية بأفكارها وعقائدها البالية بل وأكذوبة شعاراتها، لا تمت البتة للواقع والحقيقة، هنا تكمن خطورتهم وأكاذيبهم الواهمة الغير قادرة على مواكبة العصر كبعض رجالات الدين، مفلسة جميعها وغير قابلة لتطويرنفسها.
مشكلة مجتمعنا خطيرة ... مشكلة تكمن في صميم آمال اللبنانيين وبحاجة إلى ولادة ثقافة جديدة مع إمكانية ضئيلة لتحقيقها. مجتمعنا قد أصبح مؤخرًا غالبة عليه إرادة الحكم وشراهة السلطة أقوى من أي شيء آخر، سلطة تقليدية ومن يحملون لواء التغيير الجدد، لكننا تخلينا حتى عن هذه المهمات ووجدنا أنفسنا في عملية إنتقال نحو الرداءة الفكرية أكثر فأكثر، إذ نرى ثقافة ديمقراطية برلمانية تائهة آخذة في التفاقم، مما يعني إضعاف سلطة الدولة التنفيذية، في مقابل اللاشيء، إنه عائق خطيرللنهوض بالثقافة.
شعب مستقل تمامًا عن رفاهية الدولة التي فيها الفرد هو الهدف الأسمى. وتضع نفسها في خدمة ثقافته لا أن تفرض ثقافة فائض القوة والهجمات الموجهة ضد مفهوم الدولة التي تعتبر نفسها فوق الناس، وعليه واجب خدمة الدولة دون مقابل لأبسط حقوقه.

الإنسان يبحث عن إنسانيته حريته كرامته، فكيف يمكن تحريره من حياته المذلة، وكيف يمكنه أن يتغلب على كل العادات والتقاليد التي توارثها من جيل لجيل وكيف يبدع...؟ كيف له بيائسه أن يملىء الفراغ الذي أوجده الزعيم، آلهة العدم والفراغ .
فالعلّة في الذهنية الغير قابلة للتطور، وأهمية أن نفكر، الفوضى والعبثية، ليسا مجرد مظهر عرضي و عرض واحد من أعراض الثورة الروحية الكبرى، فبالرغم من نقص في مكون عناصرها ولكن يمكن تسميتها بالثورة الوجودية ، لأن كل عناصرها يمكن فهمها من خلال الوجود البشري، بل في جوهرها، ولإعطاء مصطلح الثورة معناها الحرفي، هو تدمير كل النماذج القديمة لتحل مكان الفجوة التي خلفّها هذا الدمار (السلطة) ، وحتى ممارسة الفوضى والدمار مقابل اللاشيء! ولكن نظام الدولة ومجتمعنا وحياتنا أساسا في فوضية وعبثية. إننا نشكوا في معنى قيمة الحياة ، لأننا أصبحنا نعيش في فراغ وجودي، بل يمكن أيضًا استخدام بشكل بنّاء كتعليق لتحليل إيجابي للحالة الإنسانية الذي وصلنا إليها. الحركة التي بدت وكأنها تعلن بصوت عالٍ الموت لجميع الأصنام ولكن ايضا هناك رائحة موت لجميع القيم ، يبدو أن هذا الرفض الجديد لـ خرافات النظام نوعا ما قد اكتمل وهو أيضا ليس بالمكتمل .
لا يوجد فكر ولا أفكار ولا رؤية ، وإذا كان الفكر يتطلب فكرًا خاصًا به ، فيمكن أن يكون إما فكرة أخرى أو شيئًا آخر غير الفكر أو شيئا خارج عنه... سيتطلب الفكر التكميلي فكره الخاص ، وما إلى ذلك ، في حين أن هذا الأخير سيؤسس فكرا يرتكز على شيء ما لا يتم التفكير به ولكن هذا يعني أن كل فكرة تعتمد على غياب خصائصية الفكر: وهذا على ما يبدو المراد منه في عدم التفكير. وهذا سيعيدنا إلى المواقف السابقة مع هكذا نظام . وهناك افتراضية للفكر وهو عدم التفكير بأي شيء على الإطلاق... الإنهيار الإقتصادي الإجتماعي السياسي الثقافي يقابله إنهيارأخلاقي، كل أخلاقنا تنهار، كلما نظرنا أعمق ، كلما اختفت تقييماتنا - ويقترب اللامعنى...
ومع ذلك ، ليس هناك شك في أن كل من هؤلاء الجهابذة يتجاوزون النقد والتقدمية ، لأن عملهم يحتوي على إمكانات تتجاوز أي قراءة تقدم على كل واحد منهم يعتبر نفسه الحل والنهاية. الحقائق المزعومة التي أنتجها هؤلاء ، مثل تصويرهم لعالم مؤلف من قوى الخير والشر ، منخرط في صراع لا ينتهي.
ما هذا الشيء المسمى بـ "التفكير" الذي ندعي أنه يعرّفنا كبشر ويفصلنا عن الحيوانات الأخرى ، إذا كان الإنسان هو الحيوان المفكر ، فإن إعطاء التفكير سببًا ، وهدفًا ، ومسارا سلوكيا ، هو إعطاء البشرية هذه الأشياء. إن وجود هؤلاء يضمن وجود اللاشيء واللامعنى .. أن هذه الشعارات المثالية هي اللا شيء وفي نفس الوقت تجعل المرء يريد هذا العدم من خلال رفضه لكل شيء..
فيقينا لا أحد يمكنه فهم شييء من شيء من هذا...ويبقى الأمل الوحيد والحقيقة مع أهالي ضحايا إنفجار 4 آب حتى من يحملون رايات التغيير، نوعا ما قد تخلوا عنهم، وما تخلوا عن قضيتهم... والوطن...