بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 آذار 2019 12:03ص الموسيقار إحسان المنذر لـ «اللــواء»: عبد الوهاب يبكيني بالنفحة الوطنية وحبّه لمصر

الأغنية الجميلة لا تموت

حجم الخط
يسيطر الموسيقي والملحن «احسان المنذر» على الجملة الموسيقية ويضبطها لتكون ضمن التأليف المتناسب مع الكلمة والصوت إن مع الكلمة في الاغنية او الفيلم او المشاهد التصويرية في مسلسلات رافقت موسيقاه مشاهدها. اضافة الى تاريخ عريق من الالحان لاغانٍ كثيرة ما زلنا نردد الحانها حتى الان. فموسيقى الملحن «احسان المنذر» هي مزيج من مفردات اتقن استخراجها من الالات الموسيقية. لتكون ملكة لحنية صقلها بالكثير من الدراسة والصبر والاناة ليكسر حواجز الصعوبات في سبيل كسر حواجز اللحن.  ليرتبط بالكلمة والمشهد ضمن الحس الفني ومراعاة كيفية التناغم مع الجمل الموسيقية التي شذبها وترنمت بها حواس محبي موسيقاه ومع الاستاذ «احسان المنذر»  اجرينا هذا الحوار..
{ الملحن احسان المنذر متى يزيد اللحن من قيمة جمال المعنى ومتى يرتبط بقيمة الكلمة المكتوبة فيزيدها أناقة؟
- الكلمة واللحن توأمان ليكملا الأغنية. الشعر وحده يمكن أن يكتب وينام في الكتاب الى أن ياتي الملحن ليضع فيه لحنا وتطلقه حنجرة مغنٍ او مغنية، ليتداول بين الناس. مثلا اغنية «كلمات» بقيت 25 عاما في كتاب لنزار قباني وحين وضعنا لها لحنا وزعتها «ماجدة الرومي» بصوتها الجميل على كافة الدول العربية واصبحت القصيدة أغنية، هكذا العلاقة بين الكلمة واللحن وطبعا لا لحن جميل دون كلمة جميلة ، فهي تدفع الملحن إلى ان يضع لها لحنا مؤثراً..
{ هل يمكن فصل اللحن الغربي عن العربي ومتى يكون اللحن هو العنصر الاساسي في النجاح او الفشل؟
- هناك جملة جميلة قد تكون شرقية ويحبونها في الغرب مثل ما حدث مع اغنية «يا مصطفى يا مصطفى» التي انشدها بابا عزام منذ خمسين عاما واشتهرت، وممكن ان نحب لحنا غربيا ولكن العلاقة بين الأغنية الشرقية والموسيقى الغربية هي التوزيع الموسيقي. والتوزيع الموسيقي كان يقتصر على الاغاني الغربية، لكن استعان به عبد الوهاب واستعان به فريد الاطرش في اغنية «يا زهرة في خيالي» او «قلبي ومفتاحه» وغيرها وكذلك ملحنون كثر مثل لحن الفالز المشهور لليلى مراد وهو «انا قلبي دليلي» هناك استعانة من الثقافة الغربية لكي نستعملها في الجمل الموسيقية الشرقية، لكن اهم شيء ان يكون اللحن الشرقي مسيطراً او لا يخدشه التوزيع الغربي ولا يبالغ فيه حتى يبقى اللحن الشرقي ظاهرا ومسموعا، تبقى خلفيات يمكن ان تكون مرافقة للجذب ينشد هكذا الاستعانة بالتوزيع الغربي لموسيقى الاغاني الشرقية. لجأت اليه انا  في بداية مشواري الفني منذ بداية عام 1980 حيث وضعت اغاني لماجدة الرومي مثل «يا نبع المحبة» او «ما حدا بعبي مطرحك بقلبي» فهي تبدأ بلحن غربي مع ايقاع غربي ثم الكوبليه «بحبك انت ورايح بحبك انت وجاية» اعود للجملة الموسيقية الشرقية لاني يجب ان لا انسى لاني اللحن في بلد عربي ويجب ان اخاطبهم واحاورهم في الحاني ويفهمونني، هكذا توالت التوزيعات والالحان التي وضعت لراغب علامة ايضا لحن عن «جد بقلّك عن جد»  وكذلك «بكرا بيبرم دولابك» كان فيه التوزيع الغربي وهناك اغانٍ شرقية مثل لو «شباكك عشباكي» او «رح طير حمام» وهي شرقية تماما. 
{ المفردة الموسيقية لا تقل اهمية عن المفردة اللغوية ونتأثر بها لدرجة الفرح او الحزن  ما هو اللحن الذي يبكي الاستاذ احسان المنذر؟
- هناك بعض الالحان تبكيني فعلا. احيانا انا من يكون واضعها واحيانا اسمعها لغيري من المبدعين الفنانين الذين تأثرت بهم، مثلا احيانا «عبد الوهاب» يبكيني بالنفحة الوطنية التي يملكها والحب الذي يكنه لبلده مصر مثل اغنية «النهر الخالد» التي يقول الشاعر فيها «وأغصن تلك ام صبايا شربن من خمرة الخميل». وهو يتكلم عن نهر النيل العظيم، والاشجار التي ترقص من الريح حواليه فيتغنى بها ثم يتغنى بالشعب المصري البسيط الذي هو سريع الصداقة  مثلا «يا وابور قولي رايح على فين» يقول في آخرها «ودا يسأل دا رايح على فين ودا يقولوا رايح على فين» بمعنى ان الناس الذي يجلسون في القطار امام بعض من السهل   التعرف على بعضهم البعض وهذه طبيعة الشعب المصري، وهنا يجب ان نقف عند هذه المحطة. لانه فعلا «عبد الوهاب» من كل صميم قلبه لحن ليصف بساطة واخلاق الشعب المصري الذي ممكن ان تصادقيه بسرعه بغير الشعوب الاخرى التي تضع الحواجز في وجهها عبوس. المصري سريع الضحك وسريع الانجذاب نحو الاخر . 
{ تبلغ أهمية الموسيقى التصويرية في الدراما درجة تجعل العمل مؤثرا وله اهمية سمعية لا تقل درجة عن التمثيل ما رأيك واين المايسترو احسان المنذر من الموسيقى التصويرية  في الدراما؟
- في العام 1980 ويمكن قبل ذلك، قمت بتأليف موسيقى تصويرية لفيلم المخطوف الذي مثلته صباح وفيلم الانفجار وهو من الافلام القديمة اللبنانية ، بعدها قمت بتأليف العديد من الموسيقى التصويرية لمسلسلات مثل اغنية «عفيف شيا.. الأميرة»  في مسلسل للمرحومة «جنفياف عطالله» وغيرها، ولكن لم الاحق هذا الموضوع كثيراً لاني التهيت بالاغاني، وتوزيع وتلحين الاغاني،  وكانت زحمة وانشغلت عن هذا الموضوع  بقيادة الفرق الموسيقية في عدة برامج تلفزيونية ومنها برامج انا ابتكرتها مثل «بيانو بيانو» لقناة الاوربت مثل «دندنة» على lbc مثل «نغمات على البال» للمستقبل،  فكنت مشغولاً ولم استطع التواصل مع اصحاب المسلسلات او الافلام، لكن  الموسيقى ضرورية جدا ان ترافق اي دراما. لان اي مسلسل بلا موسيقى تصويرية سيكون ناشفاً او جامداً ولا يجذب المشاهد، لكن ليست كل موسيقى اسمعها في المسلسلات هي تصويرية منها لا يخدم المشاهد لانهم يستخدمون نفس الموسيقى التي استخدموها في حلقات سابقة بموقف لا يشبه الموقف الذي استعملت فيه هذه الموسيقى. لهذا احيانا لا اجد الخدمة المتفانية للمسلسل بمواقفه ربما لاسباب مادية يتم تكرار هذه الموسيقى مثلا اجلس في غرفة اخرى وزوجتي تشاهد مسلسل ما اشعر بالملل من موسيقى اسمعها لانها تكررت بينما من يشاهد قد لا يشعر بذلك. 
{ مدرسة المايسترو احسان المنذر الموسيقية هل من ابناء له فيها هم فعلا خليفته موسيقيا؟
- عندي ثلاثة اولاد الحمد لله في ايطاليا وولدان من زوجتي اللبنانية في لبنان، ودائما كنت احاول ان اكتشف اذا كانت عندهم الموهبة للموسيقى. ان كان بعزف او تلحين او اي شيء عندما لم المس هذه الموهبة لم اشجعهم ابدا لانه لا اريد ان يقال هذا ابن احسان المنذر لا احب هذا وللاسف هذه الحالة يوجد منها الكثير. التوارث بين ابناء المجتمع لابيه كما يحدث في السياسة وانا ضد هذا ان كان في السياسة او في الفن. لا احب الوراثة الفنية الا اذا الابن عنده نفحة جديدة وعنده شيء يقوله مثل «زياد الرحباني» ابن عاصي الرحباني فعلا زياد افصليه عن ابيه تجدين انه استطاع تكوين نفسه وجعل منها مدرسة بذاتها. الياس الرحباني ايضا اختلف عن اخوته وعمل مدرسة بالاغنية الشعبية لكن يوجد في الوسط الفني الكثير من الابناء الذي يعيشون على اسماء ابيهم. هذا الارث الفني الذي لم اعطه لابنائي لاني لم المس الموهبة عندهم.
{ رحلة طويلة ومسيرة موسيقية تنوعت فيها المراحل الفنية  بين استديو الفن وغيره ماذا يحدثنا المايسترو احسان المنذر عن اهم هذه المراحل؟
- بدأت بتوزيع الموسيقى لعازار حبيب ونور الملاح اغاني عديدة وانشهرت. لم افكر اني الان اوزع والمفروض الاهتمام بتوزيع الحاني الخاصة اكثر من توزيعي لغيري. انا ابدا لم انظر الى هذه الناحية «خدني حبيبي على الهنا» «عم يسألوني عليك الناس» غنتها «ماجدة» من ألحان «نور الملاح» اشتغلت فيها من كل قلبي «سألت كل مسافر» ايضا للمرحومة «منى مرعشلي» و«صيدلي يا صيدلي لعازار حبيب»   وغيرها الكثير ساهمت بنجاح الاغنية  التوزيعات الموسيقية التي قمت بها والحمد لله  انا اعرف اني مختلف عندما لحنت سنة 1980 منذ 38 سنة ما احببت تقليد اساتذتي الكبار الذين نشأت على الحانهم مثل عاصي ومنصور الرحباني مثل عبد الوهاب والسنباطي والقصبجي كنت اسمعهم.  لكن اخاف من القيام بتأليف الحان مشابهة لهم. كنت احاول ان اكون مختلفاً والحمدلله استطعت القيام بخط للتوزيع والتلحين، واصبحت الناس تعرف ان هذا يشبه لحن احسان المنذر او هذه له. هنا اقول حاليا ومن بعدي بعشرين سنة كثر من قلدوني بالتوزيع الموسيقي، واجد ان الالات التي استخدمتها منذ اكثر من ثلاثين سنه يستعملونها الان ولا يقولون ذلك. للاسف العيب في الشباب الجديد ان من موزعين او ملحنين انهم يسرقون بعض الجمل لكن لا يعترفون بالاساتذة الكبار انا مثلا اعترف بمنصور الرحباني وعاصي لانهم اساتذتي وقد مهدوا الطريق لنفهم الموسيقى، لكن الان عندما تنشهر لهم اغنية اصبح هو الاستاذ الكبير ولا يعترف ان اللحن الذي انشهر فيه جمل وتم تحويرها لتختلف، وللاسف قلة من الانتاج الجديد خلال الاعوام الاخيرة من نجد عندهم فعلا الموهبة او ديمومة الموسيقى. هذا الفرق انه انا اتيت من عصر الابداع وهم من عصر التجارة  لكن ما اردت قوله تحمست للتلحين عندما لمست روعة الحان الموجي وبليغ حمدي وعبد الوهاب فشعرت انه يجب ان اقوم بشيء ايضا مثلهم لاعرف فيه. لكن هذا العصر الذي نعيش هو عصر الاغنية الراقصة عصر الاغنية التي تُرى ان كان من يغنيها هو جميل فاصبحنا نرتبط بالصورة اكثر من الاستماع.
{ خلود الاغنية وكلمة اخيرة للمايسترو احسان المنذر عن اهمية المفردة الموسيقية والاهتمام بها سمعيا في العالم؟
- اي مغنٍ حاليا ممن يغنون في المرابع الليلية او ممن يغنون في المهرجانات رأس مالهم ثلاث او اربع اغاني يُعروفين بها او خاصة لكن عندما يريدون حماسة الجمهور اكثر يستعينون باغنية لام كلثوم او لعبد الحليم او اغنية لكارم محمود وغيرهم حتى ينعشوا الناس ويقبلون اثناء وصلات غنائية لهم قد تمتد لساعة لكن لا تساوي 15 دقيقة  هنا نجد اهمية خلود الاغنية الشرقية التي نستعين فيها. اما برامج الهواة لو لم يكن من اغاني لعبد الوهاب او لام كلثوم وكارم محمود  ماذا سيغنون  فهم يستخدمون هذه الاغاني ليصلوا للناس لا نستطيع نسيان الفن الجيد سيبقى يرافقنا مدى الحياة. الاغنية الجميلة لا تموت  ابدا لذلك  اقول انصح كل من يلحن او يعمل بالتوزيع ان يشتغل بضمير ويقول نريد ديمومة الاغنية لا نريد ان تنجح او تضرب فقط، لانه يجب ان يفكروا كيف يمكن ان تعلق بأذهان الناس يكون فيها جمل موسيقية ليست مسروقة يكون فيها جمل خرجت من صميم القلب. 
{ لو قلت لك جورجيت جبارة وموسيقى الخطوات الراقصة ماذا تقول؟
- على مدى الاجيال قامت بتربية  من يحبون الرقص الكلاسيكي او الرقص بشكل عام كانت مدرسة . الرقص هو فن راقٍ خاصة الباليه والموسيقى الكلاسيكية فتحية لجورجيت جبارة التي ساهمت بنجاح الكثير ممن ابدعوا في الرقص فتحية لها.