بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آب 2022 12:00ص «النادي والمدينة» هو والمدينة صنوان.. 75 عاماً على تأسيس النادي الثقافي العربي

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
صدر عن النادي الثقافي العربي كتاب بعنوان «النادي والمدينة - خمسة وسبعون عاماً على تأسيس النادي الثقافي العربي» يسجل مسيرة مركز إشعاع ثقافي لبناني عربي عمّت أنواره الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، واستطاع من خلال نشاطه إيجاد مفاصل فكرية عربية من خلال قدرات مبدعة متميّزة لعبت دوراً أساسياً حتى في المسار السياسي العربي.
وإذا كان رواد النهضة قد أسّسوا فأن ما جرى وخرج من أروقة النادي الثقافي العربي قد كرّس وثبّت وغيّر وأنجز مفاهيم جديدة في الفكر العربي. على سبيل المثال، ما زال في الذاكرة كيف كنا نخرج من محاضرة د. قسطنطين زريق واللقاء الملحق معه بعقول جديدة من خلال إضافات تنير وتوضّح. ثلة عقول استثنائية وقفت على منبر النادي، أرسلت ضوئها إلى كامل المنطقة.
تلك هي فعالية العمل الثقافي الحق الذي نفتقده اليوم والذي يجب أن يكون مثالاً يحتذى.
أما عن النادي وبيروت، فبيروت مدينة الريادة، منها انطلقت العربية الفصحى، وهي التي أطلقت الدعوات القومية والوطنية المبكرة.
وبيروت مدينة الصمود، صمدت أمام التحديات والصعوبات، فلا استطاعت الحرب أن تفصل شرقها عن غربها، ولا استطاع الاحتلال أن يستقر فيها سوى أيام، فانهزم أمام ضربات جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، ولا استطاع أحد أن يغيّر هويتها ودورها، وها هي تصمد أمام الانفجار الكبير الذي استهدفها في 4 آب/ أغسطس 2020، وتعود لتقف على قدميها وتنفض الغبار عن أحيائها وشوارعها.
الكتاب يسلّط الضوء على مسيرة النادي الثقافي العربي وعلى المدينة التي احتضنته والعديد من المؤسسات والمنتديات التي كانت صوت المدينة وصورتها، فسيرة النادي جزء من سيرة المدينة وتاريخها، رافق منذ تأسيسه الأحداث الكبرى التي شهدها لبنان والعالم العربي، من نكبة فلسطين، البوصلة التي وجّهت شباب النادي إلى خياراتهم الوطنية والقومية، إلى العدوان الثلاثي على مصر، إلى مرحلة الإصلاح الإداري في لبنان في عهد الرئيس فؤاد شهاب، وصولاً إلى حرب حزيران 1967 وآثارها المفجعة، التي وجهت النادي ليكون مساحة فكرية حرّة ونابضة لإعادة النظر بالمسلَّمات الفكرية والعقائدية، والدعوة إلى تجديد الفكر العربي بأدوات المراجعة والنقد.
ويبقى أن نذكر ما كان للنادي الثقافي العربي من ريادة في إطلاق أول معرض عربي ودولي للكتاب في عام 1956 ليستمر ظاهرة ثقافية سنوية تستقطب دُور النشر اللبنانية والعربية والأجنبية، وتمثل لقاء سنويا للمثقفين اللبنانيين والعرب، ومناسبة تشهد على ولادة كل جديد في السياسة والرواية والفكر والشعر. وهو النشاط الثقافي الأبرز في العاصمة.
وتعزّز دور النادي في المجال الثقافي بإصدار مجلة «الثقافة العربية» في حزيران 1957، فكانت تنشر المحاضرات والندوات التي ينظمها النادي، والتي يظهر في لمحة سريعة على عناوين المحاضرات وأسماء المحاضرين فيها إلى أي مدى استطاع النادي في تلك الآونة أن يكون منبرا لأصوات كبار المفكرين والباحثين الذين عرضوا المسائل المتعلقة بالسياسة والاقتصاد والثقافة.
إلّا أن ستينيات الازدهار والاستقرار لم تكتمل، فقد جاءت حرب حزيران 1967 لتشكّل قطيعة على مستوى الأحداث والسياسة والثقافة، وتؤثر عميقا في الوعي العربي إلى حدّ أن آثارها لا تزال بعد مرور أكثر من نصف قرن تتفاعل وترخي بظلالها القاتمة على القضية الفلسطينية وعلى قضايا التحرر العربي.
في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس النادي، كان لا بد من إحياء هذه المناسبة بإصدار هذا الكتاب، الذي يرصد مسيرة النادي بشخوصه ونشاطاته والمراحل التي عبرها، من خلال رصد التطورات والأحداث التي عاشها لبنان ولا يزال.
إن الفكرة التأسيسية التي دفعت مجموعة من الشباب الجامعي إلى التلاقي لإطلاق جمعية ثقافية منفتحة على عالم العرب وحريصة على دور لبنان كبلد للعيش المشترك والتعدد والديمقراطية والانفتاح وحرية الفكر، لا تزال ضرورة، وخصوصا في أيامنا هذه، وفي الظروف التي يمرُّ بها لبنان.