ثقافة

على الرغم من كل طعنات الخناجر في الصدر والظهر..

على الرغم من كل محاولات التشويه وتغيير التضاريس..

على الرغم من السعي لتغيير وجهها لتصبح مسخاً..

على الرغم من الجهد لمحو تاريخها وشطب ماضيها..

على الرغم من تضافر العوامل وتنوّعها لاستهداف هويتها..

على الرغم من كل ذلك.. بيروت لن تموت..

هي النور الذي يغمر الشرق بعافيته ومرضه..

هي الضوء الذي يقضي على كل أصناف الظلام..

هي الحياة واستمراريتها بتنوّعها ونورانيتها..

بيروت مكلومة اليوم، جراحها تنزف لوماً لطاعنيها..

تنزف يأساً من القيّمين على كيانها..

بيروت الأم الحنون والأب العطوف التي احتضنت الجميع بالمحبة والعطاء..

تبحث عن من يكفكف دمعها، ويداوي جراحها..

تنزف وهي واقفة بشموخ التاريخ الذي يشمخ بتاريخها..

تعرف انها رفيقة الأزل في الماضي والحاضر وما هو آتٍ.

لعلها الآن تهزأ ممن يحاول النيل منها بطعنة من هنا وانفجار من هناك..

تبتسم سراً مع العضّ على الجراح لأنها واثقة من قيامها من تحت أنقاض ما تهدّم، ورماد ما احترق.

تقول انها اعتادت على مطبات ترسم لها، وتثق بأنها تحسن القفز فوقها لتبقى المنارة التي تهدي سواء السبيل..

وما مد يد العون لها في كبوتها إلا بعض من ردّ ما أعطت علماً وثقافة ونوراً..

بيروت تثق بمحبّيها وتعرف ان لا بيروت أخرى في عالمهم، فبيروت لا بديل لها..

بيروت بصمة لا بصمة تشبهها..

ومهما جار الزمان.. والإنسان، ومهما كان الخراب عتياً..

ستقوم.. لتثبت للكل.. للجميع..

انها لن تموت.