غياب شبه كامل للنشاط الثقافي على تعدّد أنواعه وألوانه بإستثناء القليل من تلك المناسبات التي تميل الى كونها اجتماعية أكثر مما هي ثقافية.
البعض يتساءل أين المثقف ودوره في مجريات أوضاع تتعلق بمصير البلاد والعباد؟!..
أوليس من رؤية أو رؤيا؟!.. لواقع مرّ وخطر ويتعلق بمفارق في مرحلة تاريخية يتقرر فيها مستقبل أجيال قادمة؟..
سؤال محق والحق يقال فالثقافة في مثل هذه الظروف هي المشعل الذي يضيء الطريق أمام أصحاب العقول الحامية التي لا ترى إلّا ما تراه، والمثقف هو من يدق جرس الإنذار والخطر لمن لديه مشكلة في حاسة السمع.. (لعلّ وعسى)..
إذن.. هناك ثمة مشكلة فأما أن تكون في الحالة الثقافية نفسها أو أن ظروف ضاغطة أقفلت الأبواب والنوافذ أمام أي حركة تعاكس مراكز قوى لا ترى إلا مصالحها ومن أجل ذلك لا ترحم أو تتهاون مع أي صوت يتعارض مع مخططاتها وأهدافها، وفي الماضي الكثير من العِبَر تثبت صحة هذا القول فهناك من قضى نحبه ثمناً لأفكاره وطروحاته.
ومن جهة أخرى ومهمة فقد تغيّر واقع الثقافة اليوم ليصبح لها صفحة جديدة هي (ثقافة الجوع).
فقديماً قال أحد آباء الفلسفة الاغريقية قولاً ينطبق على واقعنا اليوم قال: (اشبع ثم تفلسف)..
والمثقف اليوم تتوجّه جهوده وطاقاته الذهنية والفكرية كلها باتجاه الجهاز الهضمي ومتطلباته له ولعائلته.
فالمواد الغذائية وما يتبعها هي الهمّ الأكبر لديه الآن..
وإذا تكاثرت الهموم يطفو على سطح الأهمية الهمّ الأكبر فيها.. وقديماً أيضاً قال أبا ذر (عجبت لامرئ لم يجد قوت عياله ولم يخرج للناس شاهراً سيفه)..
وها هو المثقف يشهر صحته.