بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيار 2022 12:00ص جرجي زيدان مؤرّخ.. أم روائي؟!

حجم الخط
منذ مُـدّة قرأت بحثاً في إحدى المجلات عن جرجي زيدان ولست الآن في معرض تقييم عطاء زيدان الروائي أو في المجالات الأخرى التي كتب فيها وهي عديدة..
وإنما أقول ان هذا البحث وقراءتي له حرّكت في ذاكرتي ما أوجب الكتابة عنه..
برأيي ان أهم ما كتب زيدان دون شك هي روايات تاريخ الإسلام التي تبدأ بـ«فتاة غسان» وتنتهي بـ«الانقلاب العثماني» وتضم على ما يزيد عن العشرين رواية تتمحور ابتداء من مرحلة الفتوحات حتى انقلاب حركة «الاتحاد والترقي» في تركيا وانتهاء الحكم العثماني.
أهمية هذه السلسلة بالنسبة لي انني وعيت ثقافياً عليها لأنني ولدت في منزل تتربع السلسلة كاملة في مكتبته، وهنا لا بدّ من وقفة..
فوجود مكتبة في منزل لها أكبر التأثير على الأطفال الذين يولدون ويربّون فيه.
مع بداية وعيي كنت أرى في روايات زيدان عالماً سحرياً أرغب في ولوجه واكتشاف غياهبه... وهذا ما حصل.
أذكر انني قرأت السلسلة كاملة وأنا في سن اليفوعة ولعل هذا ما شكّل اتجاهي إلى كتابة الرواية بعد ان كانت محاولتي الأولى في تلك السن المبكرة واحتفظت بمسودة تلك الرواية إلى أن أحرقتها والدتي مع جملة مطبوعات وأوراق كانت لا تزال في منزلي الوالدي بعد أن استقليت وعشت في منزلي العائلي الخاص.
حدث ذلك سنة 1982 حين دخول الجيش الإسرائيلي إلى بيروت وخوف أمي من وجود مطبوعات سياسية وأشياء كثيرة لها علاقة بمساهمة حيلنا آنذاك في تأسيس المقاومة الفلسطينية.
عاطفة الأمومة وخوفها من العواقب في حال تفتيش المنزل حكم بالاعدام على مسودة الرواية الأولى وكتابات ووثائق لها علاقة بتلك المرحلة.
نعود الى جرجي زيدان..
كثيرون سجّلوا انتقادات على سلسلة تاريخ الإسلام من منطلق انه أكثر من التبسيط وقفز فوق محطات كثيرة كان يجب التوقف عندها.
لكن من يدافع عنه يقول ان غايته لم تكن التاريخ بحد ذاته بقدر ما كانت صناعة الرواية وتطريزها على نسيج تاريخي.
بمعنی آخر كان روائياً وليس مؤرخاً..
ولعل ما كتبه العقاد في سلسلة «العبقريات» مع سلسلة زيدان يمنح صورة عن مرحلة أساسية لا بل هي الأساس في تاريخنا وحضارتنا والى حد بعيد مستقبلنا.
لكن الحاصل الآن ان هذه الكتابات تضيع في معمعة التكنولوجيا التي تزيد الشرخ بين ما كنّ عليه وما يجب أن نكون.