كان فوق البلدان كلها جمالاً ورونقـاً ولنـا كل الفخـر
شحّ عليه الزمـان بعدما كان بشوشـاً في وجهـه البشـر
وكان ملتقى العالم لأنه متوشحـاً بالطيب والمسك والعنبـر
ومن شمائله الحميدة كل من يأتيه للسياحة منشـرح الصـدر
وكان ذو قلب كبير يتحمّـل المصاعب ولم يكن متجبّـر
أتذكّر ودمـع العيـن يمتزج بالأسـى من عذاب دون وزر
سبحان الخالق نحن لا نستاهل وطنـاً بالجمـال كالبـدر
ونحن شعب لا يعرف مخافـة الله ولا القضـاء والقـدر
وجدنـا فصـول هذه السنـة ليست كالسابـق بـكـل أمـر
فلا الشتاء شتاء ولا الربيع ربيع كما عهدنا منه كل الخيـر
حتى الفصـول تغيّرت وتبدّلت من أعمال النـاس الغمـر(1)
تعطّلـت الإرادة وانشـلّ التفكـيـر مـن شلل الفكر
قطعـوا الأشجـار وامتلأت الأنهار بكل شـيء قـذر
وكان من شمائله الحميدة كل من يأتيه للسياحة منشرح الصدر
وصار الوطن يذرف دموع من حماقـة أعمال دون مزدجـر(2)
نعم تغيّرت الفصـول من قسـاوة الجـهـل حتى ذاق المُـر تغيّرت الفصـول من الرحمـن الرحيـــم القـادر المقتـدر
تلك إشـارة لكم لم تتعاملوا مع الوطـن إلّا بالتجبّـر والقهـر
قهـراً منكم لإهمالـه وصـولاً لبيعــه ثمنـاً بأبخس السعـر
تغيّرت الفصـول بعدما تغيّـرت النفـوس انتهـاءً بالغـدر
غدراً بوطن الجمال والمحبة والسياحة والألفـة طيلـة العمـر
تغيّرت الفصـول يـوم تخدّرت ضمائرهـم بـأقـوى مـخـدّر
تخدير الضميـر والوجـدان نسوا وطنهـم من فقدان البصـر أيتها الفصـول ستعودين مهما تلاطمت عليـك أمـواج البحـر
(1) الغمر: الجاهل الأبله
(2) مزدجر: نهاه ومنعه