بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 آب 2018 12:03ص حنا مينه.. روائي البحر ... وهذه وصيتي

حجم الخط
إذا كان هناك من وصف للروائي السوري حنا مينه الذي رحل منذ أيام عن أربعة وتسعين عاماً، فليس اصح من وصفه بروائي البحر..
هو الذي تعبت منه الحياة كما يقول منذ بدأ حلاقاً في مدينته اللاذقية، ثم ارتبط بالبحر ارتباطاً مباشراً وكأن نتاجه منذوراً له لذلك لعل أهم رواياته هي «الياطر».
مجمل نتائجه ينطلق من ارضية ايديولوجية تنعكس على مجمل شخصيات أعماله من خلال تصوير شظف العيش والظلم والقهر الاجتماعي وهو الذي تنبأ أوائل الثمانينات بأن الرواية ستكون هي ديوان العرب.
اكتسب من خلال نتاجه الغزير القاباً تصح عليه فمن «نجيب محفوظ» سوريا إلى «بلزاك» الرواية العربية، إلى «زوربا» الروائيين العرب. كون نتاجه كان مسخراً ضمن إطار الواقعية الاشتراكية، باتجاه هدف ايدلوجي يعني الفقراء والمعوزين والمقهورين.
تعتبر روايته «الشراع والعاصفة» علامة مؤسسة في الرواية السورية مع ان نظرته إلى الرواية التجريبية لم تكن خالية من الريبة من منطلق ان من شب على شيء شاب عليه إذ استمر في نهج واقعية الرومانتيكية الملتزمة.
كان واثقاً من نتاجه وتلك ميزة إذ وصل به الأمر لأن يقول اثنان صنعا الرواية العربية (نجيب محفوظ وانا).
ذات مرّة التقيته في مرسم الفنانة جنان الخليل في الحمراء بوجود زوجها آنذاك صديقي الشاعر الراحل زهير غانم فانتحينا جانباً خارج المرسم على ارجوحة في الممر.
سألته يومها وكانت قد صدرت روايته رقم 28 على ما اظن كيف يُمكن لك ان تكتب هذا العدد من الروايات؟!
قال لقد اعتدت منذ بداية عهدي بالكتابة ان اكتب يومياً عشر صفحات حتى لو كنت مريضاً أو مسافراً فرحاً أو مكتئباً. وهذا يجمع في السنة حوالى الأربعة آلاف صفحة ومن ثم منها رواية..
ناقشته في ما قال فثار وعلا الصياح حتى اتى زهير غانم واصلح ذات البين.
لكن هذا لا يعني انه ليس أحد ملوك الرواية العربية حتى ولو كان مناهضاً للتجريب بل منتقداً له.
لكنه استطاع من خلال نتاجه تصوير بيئته وطبقاتها المسحوقة وكان جريئاً في إبداء رأيه رغم الظروف السياسية الصعبة.
في وقت ما أبدى رغبته عبر إعلان في الصحف عن بيع ما يقتني من نفيس أفلام سينمائية مأخودة عن أعماله، جوائز ادبية رفيعة كجائزة محمّد زفران في المغرب سنة 2010، وقيل يومها انه قام بذلك لافول نجمه بعد تقاعده من مركزه في وزارة الثقافة السورية حيث بات وحيداً منزوياً، بعدها تميز نتاجه ببعض التجريب، قال بعضهم انه يساير الموجة الجديدة من الروائيين.
الاغرب في حياة هذا الروائي وصيته التي ننشرها ليس لغرابتها بل كنص ادبي يعني الكثير من قبل أديب كبير ترك بصمته واضحة في الأدب العربي الحديث..