بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الأول 2018 12:35ص د. هلا الحلبي لـ «اللـــواء»: بين الرجال وإن اختلفوا في الظاهر روابط وثقى

بعد صدور كتابها «دون جوان القرن الحادي والعشرين»

حجم الخط
تحت عنوان «دون جوان القرن الحادي والعشرين» صدرت باكورة أعمال الدكتورة هلا الحلبي عن الدار الحديثة في طرابلس، رواية جمعت فنّ الرسالة السرّيّة لدون جوان كتبها بصفة مذكّرات شخصيّة، لتنير الكاتبة بعض ما خفي من الواقع الذكوريّ وتسطّر ما يكتمه الرجل عادةً أو قد يجهله في طبيعة علاقته بنفسه وبالآخرين وبخاصّة مع الجنس اللطيف، مسجّلةً رسائل إلى رجالات التاريخ بدءاً من هابيل ومروراً بإنكيدو والإسكندر المقدونيّ وعنترة وشهريار ودون كيخوت وانتهاءً بنزار قبْانيّ مع عرضٍ روائيٍّ قصيرٍ كاريكاتوريٍّ ساخرٍ لوقائع ساخنة في محاولةٍ منها لكشفٍ نفسيّ في أعماق اللاوعي الكامن وتعليلٍ للأسباب المبطّنة في سرّ انجذابه الدائم إليهنّ والانتقام منهنّ على السواء، مع ما يرافق ذلك من كشف للواء الذكور الشوفانيّ ومسار دونجوانيّته. ومع الدكتورة هلا الحلبي اجريت هذا الحوار:
 { لماذا دون جوان القرن الحادي والعشرين؟
- هناك عبارات أسمعها من طلّابي على الدوام: «كم الشباب خونة! يغيّرون فتاتهم مثلما يغيّرون قمصانهم» أو «لا أمان للفتاة، إنّها تتقلّب ولن تبالي بجراحك» وفي كلّ مرّة أحاول دحض هذه الأفكار أُجابه بإصرارٍ عجيبٍ من الطرفين. وهناك أمثلة كثيرة بأمثلةٍ لمتضرّرين أو متضرّرات أدّت بهم المفاجآت العاطفيّة إلى الانعزال والزهد والتقوقع. فمن هو المحق؟ الادّعاء الذكوريّ أم الأنثويّ؟ وللإجابة حاولتُ تقمّص شخصيّة دون جوان لأستجلي حقيقة تفكيره وسلوكه مع الأنثى خصّيصا، مقتنصةً روايات حقيقيّة جرت على أرض الواقع. وطبعاً كان مثاله الأعلى دون جوان القديم الأصيل ٍ يسير على هديِه ويقتدي بخطاه فهو المعلّم الأكبر، ولقد حاولت الاقتراب منه من غير أن أشوّه صورته التي تميّزه عن الأنثى وتجعله محطّ اهتمامها، لأستقرئ أفكاره من غير تعنّتٍ أو تشويه، بل بتجرّدٍ يعتمد الحسّ الفكاهيّ المنساب بحسب طبيعة الموقف.
{ ماذا تريدين أن تقولي في هذا الكتاب؟
- كانت انطلاقتي من قناعةٍ راسخةٍ في حقيقة الاختلاف الفطريّ في الذكاء العاطفيّ بين ذكرٍ وأنثى، خذي مثلًا الطفل في عمر السنة ولم يكن قد تلقّى بعد ُأيّ تدريبٍ يعزّز سلوكه العلائقيّ، نجد أنّ الطفلة عموماً تفضّل لعبة باربي لتحاكي أمّها في رعايتها، في حين يفضّل الطفل السيّارات والألعاب الصاخبة. فمن الذي علّمهما أنّ دور الفتاة عاطفيّ في حين دور الفتى تنافسيّ؟ وهذا ما ينسحب عليهما عندما يكبران، فهي مثلًا تفضّل الأفلام الرومنسيّة الهادئة وهو أفلام الأكشن، وبخاصّة بعد أن تعزّزت الأفكار المتوارثة اجتماعيًّا حول هدوئها وطواعيّتها تمهيدًا لانكفائها الأسريّ، وحول إقدامه وشراسته في عالم العمل الخارجيّ التنافسيّ.
{ وماذا وجدت في طبيعة العلاقة العاطفيّة بينهما؟
- ما يحصل في فترة المراهقة مصيريّ إذ ينجذب كلاهما للآخر وسط تعزيزاتٍ من أحلام اليقظة وإعلاء لصورة الحبيب وتلميع مثالياته التي تسقط وتهوي عند أوّل اختبارٍ جدّيٍّ سيجابههما، فهو يكتشف أنّه لن يستطيع الزواج بها إلّا بعد سنوات كثيرة في حين يكون بابها قد بدأ يُدقّ بعروض جدّيّة للزواج، وقد تفضّل بحسّها الأموميّ أنّ عصفور باليد خيرٌ من عشرة على الشجرة، فتنكسر العلاقة العاطفيّة بينهما ويُترك الشاب ليتولّد لديه حسّ الفجيعة والانتقام منهنّ مع أنّه يميل بطبعه إليهنّ.
{ وما هي النتيجة التي توصّلت إليها؟
- اكتشفت في معرض انكفائي على دراسة العلاقة بينهما أنّ بين الرجال وإن اختلفوا في الظاهر، روابطَ وثقى بينهم لا تنفصم عراها، فهم مخزن أسرار لبعضهم، وإذا ما وضعنا العنتريّات جانبًا نجد أنّ الرجال في مسائل العلاقات يدٌ واحدة فهم سندٌ لبعضهم في السرّاء والضرّاء وسوف يتناسون المشاكل المفرّقة بينهم لحين شفاءٍ واحدهم الذي يتلقّى الدعم والمساندة من معشر الرجال، في حين نجد أنّه حتّى وإن بدت النساء متعاونات فيما بينهنّ، فما إن تقع واحدتهنّ في مشكلة  حتّى يسرعن عمومًا إلى طعنها بلا هوادة، مما يُخسرهنّ الجولة في الصراع الأنثويّ الذكوريّ، فالتكتّل الذكوريّ سوف يصمد بلا شكّ أمام تضعضعهنّ مهما تمتّعن به من حسٍّ مرهفٍ وذكاء وديناميكيّة، ولسوف ينتصر الحلف الذكوريّ في ميزان العلاقات وتترسّخ سيادتهم عليهنّ. تجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذه الفروقات بينهما تتضاءل مع خروج المرأة للعمل وتمتّعها بحسّ المسؤوليّة خارج أسوار بيتها ممّا قد يغيّر المعادلة في القريب العاجل مع ذوبان الفروقات بين ذكرٍ وأنثى.