بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آذار 2022 12:00ص رؤية فنية خاضعة لموروث تراثي في أعمال الفنان فريد شنكان

حجم الخط
تغرق أعمال الفنان «فريد شنكان» Fared Shankan المملوءة برموز ودلالات تعبيرية توحي بالأبعاد الصوفية، في رؤية فنية خاضعة لموروث تراثي، هو جزء من تشكيل ذي خصوصية توظيفية مؤثرة بصرياً بفروقاتها التشكيلية، ونمطها السلس حسّيا القائم على خلق انفعالات من حيثيات الألوان، والقدرة على تبطينها بتدرجات ومعاني تتغلغل في النفس، من خلال الصياغة والترادفات التي تتشكّل منها رموزه التعبيرية، وروابطها مع الأساسيات المفتوحة في فضاءات تتراءى من خلالها الأمكنة، وما يرتبط معها من إشارات تعتمد على التوليف بين الخطوط والأشكال، وجيومترية النقاط المخفية. وتتميّز أعمال الفنان «فريد شنكان» المولود في دمشق عام 1963 بشرقيتها الزخرفية لونيا، وبحركة موازية في الخطوط والأشكال المتجانسة بتجاوزاتها الرمزية، لتعبيرات تفسح المجال أمام المتأمّل للوحاته أن يتذوّق تراثياته الخاصة، المبنية من فهم عميق لقيمة الحضارات في حياة الإنسان، وخصوصا أنه يجمع بين المشاعر وقوة التصاقه بالأمكنة التراثية التي يمنحها هوية تشكيلية ترتبط بقوة مستويات المفاهيم التشكيلية، المبنية على الأسس والنظم بعيداً عن تحرر الريشة أثناء الرسم. فهل يحاول تأصيل تراثيات أمكنته التي عاش فيها أو زارها أو نشأ فيها لتكون في لوحات تفاعلية تقترن بما يسوغه الخط قبل اللون والحجم، وقبل الشكل وبفروقات تشكّل نوعا من التناقضات البنائية لتتوازى المقاييس في لوحة مبنية على تصورات دقيقة جماليا؟ أم أنه يقارب بين التراثيات من خلال الفن التشكيلي، وايحاءات يفتحها، لتكون نصا بصريا يتّسم بجمالية العناصر المختلفة فيه؟

يمنح شنكان الشكل والمضمون عدة مستويات بصرية، متجذرة في مساحة يفتحها على فضاءات اللون المتعددة، وبتوازن تكشف عنه الأشكال، وتترجمه الفراغات المنسجمة مع مكونات تنصهر في العوالم التي توحي بقوة الرموز والدلالات فيها، وتوحي أيضا ببلاغة تشكيلية متحررة من الشكل الرئيسي، وتابعة للمعنى من حيث تمثيله لشكل أو لقيم تعبيرية وجمالية، وهذا الأسلوب السهل الممتنع يتميّز بهوية تراثية تميل الى منح لوحته بصمة شرقية خاصة هي جزء من قدرته على مزج الألوان وفق درجات معيارية تنسجم مع رؤاه الفنية، وما يرادفها من حقائق جمالية يمزجها مع تعبيراته في اللوان والأشكال، وبقدرة يلجأ من خلالها الى الإيحاء بالبناء القديم، وكل ما يتعلق بتراثيات الحضارات التي غادرتنا، وأعادها الى لوحة تنتمي لدلالات عميقة يتفاعل معها الرائي بعمق ويمنحها إحساسا جماليا مختلفا. فهل تأثر شنكان بهواجس الأمكنة وما تخلقه من حس فني لدى الفنان التشكيلي؟

يستنطق شنكان أشكاله، فينبثق عنها سكونيات هي بمثابة رموز صوفية يوضبها ويخفيها بين ثنايا الأشكال، ليخلق نوعا من التغيّرات عن واقع يشحنه برموز تفاعلية هي تصورات ممنهجة بأبعاد لا متناهية مرتبطة برؤية بصرية ذات محسنات لونية وأخرى تتميّز بالشفافية، ليبتعد عن المباشرة في رؤية الرائي لتراثياته الخاصة، وكأنها تمثل له مكانه المفضّل أو مساحته التي يترجم فيها أحاسيسه الطفولية الزاخرة بالتأصيل أو بالالتصاق في الأرض والتراث، والمكان الذي لا ينفصل عن مفردات لخطوط أساسية تتمركز حولها القدرة على بناء الفواصل النمطية تعبيريا، لكنها تتيح للمتلقي قوة الربط بينه وبين اللوحة وبالتالي لذة اكتشاف المعاني وتقنيتها المعاصرة والغنية بالمقومات التي يستبطنها بمعايير ثابتة لا تتأرجح في ظلالها بل يوظّفها لتكون ما بين الضوء والظل هي لغة ريشة تعصف بالمتلقي وتتركه في مهب تلقائية الأمكنة التي يشعر بوجوده فيها. فهل يتمسّك الفنان فريد شنكان بقيود المقاييس والمعايير رغم تحرّر ألوانه من ذلك؟ أم انه يوازن بين جماليات يشعر بها وأخرى اندثرت ولكنها عالقة في ذاكرته؟