بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آذار 2023 12:00ص رواية حنان الشيخ (عين الطاووس).. مشكلات تحرّر المرأة من مفردات الأدب النسوي

غلاف الرواية غلاف الرواية
حجم الخط
تنشئ الروائية «حنان الشيخ» في روايتها «عين الطاووس» الصادرة عن دار الآداب مساحة علائقية بين الأم وابنها، والمرأة وذاتية الحياة مع رجل آخر بعد طلاقها من أب ابنها لمعالجة النقص من وجهات نظر تهدف إلى استكشاف المفاهيم الأكثر تقليدية في الحياة بأسلوب لغوي هو أقرب للهجة اللبنانية في بعض منه، لتلامس القارئ اللبناني بشكل أكبر، محاولة ترجمة هموم المرأة عندما تنفرد في تربية أولادها خارج وطنها الأم، وخارج إطار الزواج بعد طلاق خرجت منه حتى من وطنها. فهي في غربتين: غربة الإفتراق عن الأب الحقيقي للأبن، وغربة الوطن وتحرّر ابنها من الضوابط السلوكية المتعارف عليها في الوطن الذي خرجت منه مع عشيق متزوج بسواها، وهو الأبن المنغمس بأغنيات الـ«راب» التي تتميّز بالتلاعب بالألفاظ، والتحرر من القافية بعيداً عن الالتزام بلحن معين. فهي تسعى جاهدة للخروج من نمط الأدب النسوي وديناميكيته رغم رفضي مفردة الأدب النسوي، وتصنيف السرد النسائي خارجا عن الذكوري. فالأدب هو الأدب لا انفصال فيه بين رجل وامرأة بحيث يكون السؤال لماذا «عين الطاووس» وهو مسمّى فطري قاتل لنبتة الزيتون التي يهاجمها؟.. فتتجدد من بعده وتنبت أوراقها بعد فترة ما، وإن أظهرت من خلال تغاير الأسماء «لتُعلن أن اسمها ياسمين، فقد كرهت كلمة النرجسية، أي حب الذات. لم تحب أن تكون وردة تدور حول نفسها معجبة بجمالها». مع مراعاة أن النسوية في رواية «عين الطاووس» هي عنصر ديناميكي رحب يأخذ القارئ إلى لب هموم المرأة بشكل عام عربية كانت أو أجنبية. فهي المرأة التي تحتاج للعاطفة الأمومية والرجولية والعيش باطمئنان، رغم المتاعب التي برزت كالهجرة ومشاكلها والاحساس بالغربة، وربما ما ينشده كل من يعاني من مشكلات في وطنه الأم، ومن الإلتزام بالعادات والتقاليد. فالنسوية في «عين الطاووس» ليست سلبية إنما هي مراعاة لوجهات نظر المرأة من حيث مخاوفها بعيدا عن الاجهاض ومنع الحمل والمساواة، وما عرف به الأدب النسوي. فهي هنا في هذه الرواية تحثّ على سبر أغوار مخاوف المرأة الناتجة عن التحرر والهجرة وكسر طوق الرجل، وفي فرنسا تحديدا المعادية للنسوية الأميركية، لنشعر أننا أمام امرأة تعيد ترميم صورة المرأة التي تحررت حتى من الثرثرة الروائية، والمطالبة بحقوقها، وبعفوية الفكرة التي انطلقت منها بعيدا عن الغموض النسوي والثقافة المضادة التي عرفناها سابقا، «والدتها لم ترَ إلا سماء واحدة، سماء لبنان، بينما حلقت ياسمين في سماوات أخرى»، فهل التحليق في سماوات أخرى تكسر نمطية الأم التي تضحي بنفسها من أجل أولادها وهي راضخة بين جدران منزل يئنّ من المشاكل الزوجية؟ أم أن عين الطاووس هو تجديد لمعنى تحرر المرأة من مطالبتها بالكثير من الأمور التي تخطتها لتضعنا حنان الشيخ أم هاجس المرأة وارتيابها من حمل هموم التربية لأولادها بمفردها بعيدا حتى عن وطنها؟
ريكا والإبن غير الشرعي من رجل لبناني ومعضلات تأشيرة الدخول إلى لبنان دون تدوين ابن غير شرعي للذين ولدوا خارج لبنان من لبناني بطريقة غير شرعية، ومشكلات تعاطي المخدرات وأسبابها عند الأبناء، والإدراك الخفي للنزاع الفكري الناتج عن الخروج من البيئة الآمنة التي نشعر بها في حضن وطن إلى الأكثر تحررا وصعوبة اجتماعيا ونفسيا، وهموم العائلة العربية التي لجأت إلى الهجرة وسلبياتها، والانفراد بتربية الولد أو المسؤولية الملقاة على عاتق الأم المهاجرة مع عشيق خارج وطنها، وكلها أمور مستحدثة اجتماعية. فهي ناتجة عن فطريات الإنفتاح كعين الطاووس تماما، والتي تحتاج إلى مداواة تبحث عن ترياقها، «حنان الشيخ» مع القارئ، إذ تضع الأحداث في مساحة تشابكت فيها الهموم الحياتية البعيدة عن الطلاق وحقوق المرأة، وما الى ذلك لتصبح مشكلات تحرر المرأة من مفردات الأدب النسوي التي كانت معروفة قبل دخولنا في هذا النوع من الأدب النسوي مع حنان الشيخ.