بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 شباط 2019 12:03ص روح الألوان في شرايين لوحات أمين الباشا

حجم الخط
ارتقى الفنان "امين الباشا"  وجلس على عرش لوحاته  ممسكا بريشة البقاء الفني حيث البصيرة والتفكر،  والحكاية والذاكرة المحملة بعطر انسان وقف على ارض لوحته الصلبة ، وتغنى بأمجاد الإنسان وتحولاته وصراعاته،  وسلامه وحبه وقدرته على تحويل الرماد الى ارض ربيعية مملوءة بالأزهار أو مدن مأهولة بالسكان أو امرأة على كرسي تنتظر الأحبة في مكان لملم من الخطوط اقواها،  وصنع من اريج الألوان استراحة بصرية هي بصمة فنية دلالاتها قيمة الوجود والفن والجمال . واختزالاتها مساحات وابعاد وسطوح وتجريد وتشبيه،  وقريحة تشتد وتعصف بالمعاني والفن والجمال .وتتفجر ينابيع الرسم من تفاصيل خبأها في لوحاته للاجيال، ربما هي واقع متخيل من طفولة او شباب باريسي او موسيقى عربية  او تكوين لمشهد اختبأ خلف جدار او مبنى او اسوار بيروتية قديمة اعاد لها رونق التجدد والبناء والحياة. او ربما هي كتاب من لوحات جمعها لتكون رسالة مجد فنية تعددت فيها الرؤى والاشكال والالوان وحملت في طياتها سر الإنسانية وهموم الإنسان،  ورايات الوعي والجمال. فهل يغادر الفنان عرش الفن او يترك هوية انسانية تشكلت او ارتسمت او ازهرت على ارض لوحات خصبة زرعها على ارض لبنان؟ 
في لوحاته نفحات وتراتيل تعزف على وقع خطوات البقاء ، فما من رحيل لفن صنع منه "امين الباشا " مائيات تعيد الحياة وانطباعات لاأشياء هي رموز وتفاصيل تضحك وتبكي وتقف بشموخ او تلفلف الخراب،  وتدثر القبح قبل ان تحوله الى جمال يبهر الحواس،  وتمحو السوء وتظهر بشغف قوة الجمال .فما الإنتماء الفني إلا رسالة كتبها وتركها ترفرف في فضاءات متعددة الابعاد ، وما الأبواب والنوافذ الا اطلالات للوحات فنية ستبقى كزهر في اناء ينضح بالالوان،  وما الايقاعات البصرية في كل لوحة الا الاغنيات التي تنشد ليحيا "امين الباشا " ويبقى الفن خالداً في ذاكرة الأوطان . وما بيروت الى الظل الحي الذي يعشش في جماليات حملت عبق التراث والمجد وهموم حرب تحولت في لوحات الى حمامات او ازهار او نساء او شيخ واطفال ووردة سلام.  
لا تترك الحياة ابوابها مفتوحة الا لمن استطاع الغوص في ألوان الحياة ومعانيها الفنية بشتى مفرداتها ذات المشاهد التي تطرح قصة الوجود بأكمله. ولا تهجر الروح اجسادا هم لوحات فنية تنبض بالحياة والحكايا الإنسانية ، ولا يغادر الحياة من ترك بصيرة مفتوحة للتأمل وجمع الحقائق بوعي وتفكر من خلال خيوط يرسمها او ينسجها او يجعل منها حبكة ذات نسب وتماثلات منطقية هي بناء يحفظه من الذبول والإندثار والموت .  فهل يموت الفنان ان تراجع جسده خطوة الى الوراء وبقيت روحه في الالوان التي تصارع الموت بوهجها وعنفوانها وقوتها وجمالها المحاكي لقصة الحياة ؟ 
لم تنهزم بهجة الألوان من لوحات الفنان أمين الباشا ولم تترك بصماته الوعي الذي تمسك به خلال مسيرة فنية كللها لخيال وواقع لم يطمس فيه الحقائق المتصلة بكافة اختلافات الحياة وتناقضاتها ،  بل تركها للأذهان لتسترجع لحظاتها الحياتية في كل زمن ومكان!  من المدن الى القرى فالطبيعة والإنسان وما جمعته الخطوط والالوان يبقى ليحاكي العمر الذي غزله أمين الباشا واصبح في لوحات هي شاهدة على العطاء والفن والجمال .لا أعرف حقيقية ان كنت أكتب عن فنان في لوحة عمر باقية أم عن فنان هو لون يحيا مع فصول جمعها كباقات زهر في لوحات تحمل معنى الجمال والبهجة والفرح والنور وامتشاق الخط للارتفاع بالشكل نحو الكمال والجمال . فهل نستطيع رفع البصر عن حدائق ومدن ونساء تدثرت بخصوصية ريشة دمعها مائيات تنساب وتراتيلها اغنيات البقاء ؟