تأثّر الفنان «زهو شيشاو» (Zhou Shichao) بالانطباعية وفق التناقضات الباردة والحارّة، برقّة لونية تميل الى إبراز روحية اللون وتشكلاته في الطبيعة الغنية بالضوء وعلاقاته المحددة بسببية وجود الأشياء التي ينعكس تشكّلها على عدة مؤثرات مناخية أو الأحرى الجو العام لليوم بكامله، فتتمثل ضمن الخصائص والقياسات والفواتح والغوامق عدة رؤى حيوية متفاعلة مع بعضها البعض، وفق تحوّلات الألوان عند تسليط الضوء عليها تبعا للحظة التي يرسم من خلالها لوحته، وبإيجاز بصري يستطيع تطويعه وفق مفهوم الشكل وقدرته على إبرازه، لخلق قوة الإدراك به أو بمعنى كل شيء كائن حي من حولنا حتى الفواصل الضوئية الغنية بالحركة، أو الأصح حركة الفراغ في أي منظر طبيعي خاصة بين الحقول الممتدة التي تتنفّس العتمة كما الضوء، فتنتعش أكثر وكأنه يتمتع بحس نفسي تصويري تحليلي ينبثق عنه آلاف الأشكال التي يرسمها، ليمنحها الفضاءات التي تتسع بصريا لمادة هي كالأرواح تماما تتأثر بأدق الأشياء كالهواء والضوء والمؤثرات البيئية الأخرى. فهل من حكمة بيولوجية تنبع من قوة الطاقة اللونية المدروسة نفسيا عند تأمّل رسوماته وتحليلها، وهل الإحساس بجمالية لوحاته هو نوع من اليوغا التشكيلية الخاصة بريشته التي تتصل بالحس الإنساني والإدراك الطبيعي بالأشياء من حولنا؟ وهل النشاط الخارجي للأشكال في الطبيعة هو محادثات بصرية لمادة تعيش فيها الروح؟ بمعنى التقاط حسية حركة الروح في الأشياء من خلال التأملات أثناء الرسم. فهل من تقاليد جمالية متفاوتة بالحكمة التشكيلية التي ينتهجها زهو شيشاو في رسوماته؟
يتضاعف الأحساس بروحية الألوان عند الفنان الصيني «زهو» عندما تكثر الحركة وتتناغم العناصر البصرية مع بعضها وينبث عنها رؤية شاعرية تتكوّن بعمق التأملات الطبيعية لحكمة الحياة وللأشكال الناتجة عن ولادات نباتية تنقسم بشكل مصغّر، وتتضاعف مع العوامل الحياتية من نور وهواء وعتمة وحرارة شمس أو برودة، وتنعكس على الفهم التشكيلي في ريشة تكتشف الروح من خلال تشكّلاتها في المادة الطبيعية. لهذا يفتح «زهو شيشاو» الشرح التشكيلي لحياة الطبيعة وفق المراحل في الرسم، كما في المراحل الثانوية من الولادة الى الموت، لما يستفز مشاعره بقوة الأبعاد التي تثيره تقنيا من خلال رسومات تتنفس من الضوء الممتد والمتغلغل تبعا للاتجاه الذي يختاره، وغالبا اتجاه شرقي بمعنى يتبع مشرق الشمس، ورمزية بداية الحياة عند الشروق أو الانبلاج الضوئي لحظة تغيّرات الألوان التي تتأثّر بدرجات الشمس تحديداً وفق كل دقيقة وثانية ينتظرها كفيلسوف الضوء والحركة التي تأتي بعد كل ذلك، كأنه يروي قصة الحياة اليومية من خلال الحقول الانطباعية التي يرسمها، لتكون جزئيات لعناصر يتكوّن منها حتى الإنسان الذي يتألف أو يتكوّن من جينات انطباعية متوزعة في هذه الطبيعة أو الانطباعات الحسّية المرنة لألوان هي تدرّجات من منخفض الى منخفض أكثر وبالعكس. فهل تقنية الحركة هي ترقّب لضوء يتغيّر بتدرّجاته طيلة اليوم؟ أم هو تقنية تشكيلية استنتجتها من حركة الفراغات بين الأشياء، وكأنها الروح الأثيرية التي تتحكم بكل شيء مخلوق في الحياة؟ فهل هذه فلسفة انطباعية خاصية لرسام صيني منبهر انطباعيا بنظام الحياة أو تعاقب الليل والنهار وتأثير ذلك على النمو من الولادة الى الموت أو الأحرى دورة الحياة؟
فضاءات لونية يفتحها إيحائيا على كل كائن حي من الماء الى النبات حتى الهواء، وما يتشكّل من خلاله أو ما يتحول وفق نغمات الهواء والماء والنبات بعيداً عن التحلل والتحولات والأصوات، لكل شيء وبدقّة حسية عالية تشكيلياً لرؤى بيئية تتكون من مجموعة علوم الطبيعة والإنسان، وكل ذلك ما بين الشروق والغروب ودورة الشمس ومؤثراتها على الألوان والكائنات التي تنهض وتغضب وتثور وتتناغم وتتراقص، وما الى ذلك من أحاسيس مختلفة. فهل رؤيته لطبيعة الأشياء هي حكمة تشكيلية يجمعها في لوحة هي الحياة المختلفة في كل ثانية؟