بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 حزيران 2023 12:00ص سيّد درويش فنان الشعب

حجم الخط
وُلد سيّد درويش في الاسكندرية، وسط عائلة فقيرة، وما أن بلغ الثالثة عشرة من عمره حتى التحق بالمعهد الديني، وتزيّا بالعمامة والجبة والقفطان، لكن مواهبه الغنائية التي بدأت بالظهور جعلت شيوخ المعهد يُنكرون عليه اتجاهاته الفنية وانتهى الأمر بفصله من المعهد، لكن سيّد استطاع أن يثبت انه فنان حقيقي جدير بالتقدير والاحترام، فتصدّر صفحات الصحف الفنية والسياسية على حدّ سواء باعتباره موسيقار الشعب وموسيقار المسرح وموسيقار الثورة الوطنية، كما رأى فيه بعض الفنانين الندّ العربي لبيتهوفن وموزار وتشايكوفسكي.. وقد لعبت الصدفة لعبتها حين التقى بالشيخ علي الحارث الذي هذّب إنشاده، فارتفع ذوقه وإحساسه الفني، وغذّى وجدانه ومشاعره بالقصائد والموشحات والأدوار، وقد تأثر بالشيخ سلامة حجازي الذي وجد فيه ضالته المنشودة، فاستجاب بأحاسيسه المرهفة الى فن الغناء المسرحي وأبدع في غناء الموشحات ولحّن الكثير منها مثل: «يا شادي الألحان» و«يا صاحب السحر الحلال..». كما قام بتلحين الأدوار، نذكر منها: «أنا هويت وانتهيت»، «ضيّعت مستقبل حياتي»، «أنا عشقت..».
في هذه الفترة التقى سيّد بالفنان جورج أبيض، الذي أقنعه بالمجيء إلى القاهرة، ووعده بأن يعهد إليه وضع الألحان لمسرحيات غنائية يعتزم تقديمها.. بعد ذلك أنشأ الشيخ سيّد درويش فرقته الخاصة به، التي قدّمت مسرحيات: «العشرة الطيبة» لمحمود تيمور، و«شهرزاد» لبيرم التونسي، و«الباروكة» لعبد العزيز أحمد، وقد حَوَتْ هذه المسرحيات ألحاناً وطنية كانت حرباً على التخلّف والفساد والظلم وما يدور في المجتمعات المصرية التي خنقها الاستعمار بالمخدرات فتاهت وضاع معها الفكر والعقل، وهذا ما برع في إبرازه في «لحن الحشاشين ولحن التحفجية والشيّالين والصنّاع والموظفين..».
وهذه الألحان تشهد ببراعة سيّد درويش في التصوير البلاغي بالنغم واللحن وليس ذلك مستغربا لأنه قد امتهن هذه الأعمال وعايش أحاسيس وانفعالات هذه الشرائح، فلا عجب أن يكون بحق فنان الشعب، كما صوّر أحزان مواطينيه في «سالمة يا سلامة» و«طلعت يا محلى نورها»، و«الحلوة دي قامت تعجن بالفجرية..»، كما أنهض الهمم الوطنية في نشيديه «بلادي بلادي»، و«قوم يا مصري»، لذا طغت شهرة سيّد درويش على ما عداه في بداية القرن الماضي وقد أحبّ الحياة والفن فأعطاهما كل ما ملكت موهبته حتى الرمق الأخير.