بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تموز 2019 12:10ص طلال سيف لـ «اللـــواء»: الجرأة والخروج من الإطار يصنعان فنّاً متميّزاً وغير متشابه

حجم الخط
فتحت رواية «البرنيكة» للكاتب طلال سيف جدلية من حيث واقعيتها ومزاعم الحقائق التي جاءت فيها رغم الخيال الروائي الذي أضفى تكنيكا سلسا، إلا أنها تنتمي لأدب السجون الذي ما زال يتلاقى في كثير مع الرواية السياسية التي تمثل في ضغوطها رأي الكاتب وطرائق تحليله السياسي المتضمن المواقف التي أصابته في وجع حرّضت لديه دوافع الكتابة والعمليات المعقّدة في الرؤية الخاصة به، وان بدت موضوعية في شكلها إلا انها جاءت عن ذاتية تمثل الانفتاح على الموضوع المطروح فيها، ومع الروائي طلال سيف أجرينا هذا الحوار:

{ «البرنيكة» ومحظوراتها هي مشاهدات توحي بالحقيقة، صح أم خطأ؟

- ليس دور الفن التعامل مع الحقائق على علّاتها، بقدر ما هو التعامل معها بأسلوبية مغايرة تنعكس على وجدان القارئ، وإلا خرجنا من باب الإبداع الفني إلى المباشرة الخبرية التي لا تندرج تحت عناوين الفنون. فكلمة توحي في السؤال جاءت في محلها، كي أجيب بنعم هي توحي بذلك مع اعتبارات «تكنيك» التراكب والتراكم الفني وطريقة السرد.

{ طلال سيف والرواية السياسية، هل كل ممنوع مرغوب أم أن الحقيقة المُرّة مشهد مؤلم؟

- أنت مراوغة جدا في طرح أسئلتك والذكاء المهني لديك يحيلني إلى السؤال الأول، لكنني يقظ تماما، وذلك لأنني مؤمن بدور الفن في التعامل مع الحقائق بمنظور مغاير للنقلية، بإضفاء لمستي الفنية على الحقيقة التي أتعامل معها.

نعم الحقيقة المُرّة مشهد مؤلم، فقد كتبت روايتي في السجن، في ظروف أقل ما توصف بالكافرة، وأعتقد أن هذا ما جعل من «البرنيكة» عملا متميّزا عند القرّاء والنقاد.

{ بالفعل «البرنيكة» عمل متميّز جدا، لذا تم تدريسها لطلاب الماستر بجامعة عبدالمالك السعدي بالمغرب، هل ترى أن ذلك تكريما مناسبا للعمل وصاحبه؟

- فكرة التكريم في حد ذاتها فكرة نسبية، ربما أنال شهادة من قارئ غير معروف لي، ويُعد ذلك جائزة عالمية، أما فكرة تدريسها بالجامعة، فهي بالنسبة لي جائزة نوبل في نسختها المصغّرة، ليس هناك سعادة أكبر من كونك في مصر وتفيد أهلك في المغرب أو لبنان أو... غيرهم من البلدان العربية، فالتكريم الحقيقي هو إسعاد البشرية أينما كانت، بعيدا عن الجوائز المسيّسة والمرتبة بطريقة « الكوتا».

{ طلال سيف.. أين أنت من الأدب بشكل عام؟

- هذا طرح آخر ماكر ومراوغة صحفية رائعة، في السؤال الثاني تحدثت عن الرواية السياسية، وغيرك تحدث عن «البرنيكة» بوصفها من أدب السجون، لكنني لا أفضّل التصنيف، رغم أحقية القارئ والناقد والصحافي في ذلك، سبق وأن صدر لي مجموعة قصصية بعنوان «كارتيللا» ورواية كتبتها وأنا صغير جدا، بعنوان اعترافات عضو فى تنظيم القاعدة، ورغم أنني أراها عملا منقوص الخبرة في تاريخه، لكنه تنبّأ تماما وربما نصا وحرفا بتنظيم داعش وما يحدث الآن في بلادنا، وبعدها صدر لي رواية صالح للجنون، التى وصفها الناقد الكبير د. صلاح السروي وشيخ التراثيين العرب د. يسري عبد الغني، بأنها رواية فتحت بابا جديدا لما يسمّى الواقعية الشبحية في الأدب العربي، والآن تحت الطبع رواية البشر الثالث.

{ «البرنيكة» ونسيج روائي سهل ممتنع، سريع الصورة، هل تمضي بسرعة البرق إلى السؤال الأكبر في الرواية؟

- بالطبع لن أكتب مثل العم والخال والجد «نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يحيى حقي».. لا أحب أن أكون نسخة مكرّرة من أهلي الكبار الكبار جدا، وقد أحزنني كثيرا اتصال بعض الأصدقاء من كبار الكتّاب العرب الذين قدّموا تماهيا بين أعمالي وأعمال كافكا، لأنني أرى كافكا كاتبا متواضعا إلى حد لا يرقى للشهرة التي نالها، والتي ربما كانت مدفوعة الأجر من قبل منظمات بعينها، لأهداف بعينها، فالجرأة والخروج من الإطار، يصنعان فنا متميّزا وغير متشابه وما زال السؤال الأكبر محيّرا.

{ هل تنتقد العالم العربي والعالم الغربي أشدّ ضراوة منذ عصور مضت؟

- أنا لا أعرف الهجوم بقدر ما أعشق النقد، فما أقدّمه من أجراس للتنبيه ليس من أجل الهجوم بل لإلقاء الضوء على ما كان وكائن وسيكون، من أجل بلادنا أكثر رقيّا وإنسانيا.