بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 نيسان 2021 12:00ص طلال سيف لـ «اللواء»: «البشر الثالث متروك أمرها للقرّاء والتاريخ بوصفها نمطاً مغايراً من الكتابة»

حجم الخط
سرد من باب العبث، وإعادة إحياء لإشكال السرد الغريبة التي تمنح العمل نوعا من العبثية، لرمزيات تمثل عودة السرد أو عودة الواقع بشكل معين من مؤمرات ساخرة، وضمن شخصيات يفتقرون الى التوازن الفعلي في سلوكياتهم، بتداخل بين الأحداث التي تشكّل نوعا من الانكشاف في رواية تحت عنوان «البشر الثالث» للروائي «طلال سيف» والذي نسف الإنسانية من العنوان تاركا كلمة بشر في مهب الريح ومع رقم يمثل الجيل الروائي... مع الروائي طلال سيف أجرينا هذا الحوار:

{ البشر الثالث وما بعد الحداثة، هل تبحث عن جيل رواية جديد؟

- أعتقد أن كل التجارب الجديدة على علّتيها الظاهرة والخفية لم تأتِ تعمّداً وقصداً، ففكة الإتيان بجديد على قدر ذهنيتي ترتبط بنفحة إبداعية أو طبيعية ميتافيزيقية أو من بها تمام، وهي قدرات خاصة لا أدّعيها إطلاقا، يمنحها الله للمبدع، فمنها يخرج الإختلاف. فهل كانت نازك الملائكة والسياب وصلاح عبد الصبور قد قصدوا التجديد في الشعر العربي، أم أنها جاءت محض حالة ذهنية تغلّفها الموهبة الفارقة والجرأة المتناهية، فالذي يخشى القارئ أو الناقد لن يتقدم خطوة للأمام. البعض اعتبر «البشر الثالث» نموذجا جديدا لعالم الرواية وهي تجربة غير مسبوقة عربيا أو عالميا على مستوى السرد والتكنيك ولا ألوم القراء والنقاد إن خالفوا تلك الرؤية. لكن هذا الشكل من الكتابة لم يكن الأول من نوعه في كتاباتي التي وصفها الناقد الكبير الدكتور صلاح السروري بالواقعية الشبحية وقال أنني رائد هذه المدرسة، وإن كنت ارى أن «البشر الثالث» تجربة تجاوزت تكنيك أعمالي السابقة وإن كانت تسير على دربهم. في ختام السؤال لا أؤمن بالحداثة وما بعدها ولا أي من تلك الاصطلاحات المعرفية بقدر ما أؤمن بأن هناك إبداع حقيقي ومختلف من عدمه. «البشر الثالث» متروك أمرها للقرّاء والتاريخ بوصفها نمطا مغايرا من الكتابة.

{ أدبيات الأمم وأدبيات الحوار ونزاع لأحاديث وإسرائيليات خليط من سرد تأرجح بين السريالية والمشهد الفوضوي، لماذا؟

- أعتقد أن سؤالك قرأ الرواية بشكل جيد. فهي خليط من هلوسات ذهنية متعمدة لكنها ورغم عبثيتها مؤطرة بترابط عضوي محكم وبرؤية فلسفية شديدة الخصوصية، تنتهي بك تلك الهلوسات والتفكيكات السردية إلى رؤية واضحة المعالم على علّتها المجازية وتمنحك العديد من الأفكار التي لا تأخذ منحى الأحادية في الطرح، وقد حاول الكثيرون تقليد هذا الأسلوب لكنهم فشلوا تماما رغم كونهم من كبار الكتّاب والمبدعين، ولهذه الطريقة في الكتابة قصة عجائبية تعلّمتها وأنا في مرحلة الدراسة الابتدائية وليس وقت البوح بها الآن، لكن أعتقد أن هذا اكتشاف حصري لي وقصة هذا السرد مشوّقة للغاية وإن بحت بها في يوم من الأيام سيكون لجريدتكم الموقّرة ولشخصك الكريم ككاتبة وناقدة أحترم عقلها.

{ ما بين الهلاوس الذهنية والعوارض الشيطانية هوة أدبية وانتقاد مجتمعي نشأت فيه رواية «البشر الثالث» ما رأيك؟

- لن يجدي معي دهائك كمحاورة وما تحدثت عنه عاليه لن أكرره مرة أخرى ولن أبوح بسر تلك الهلوسات والتداخلات التي اعتبرها خلطة الطعام السرية لطاهٍ محترف. فكل ذلك التداخل للقارئ الواعي بعيدة لفلسفات متعددة ميتافيزيقية بدأ من قصة الخلق عند بتاح مرورا بمدرسة جامعة اون المصرية القديمة وتلاميذها من سقراط لأفلاطون لأفلوطين ولا تنتهي بهيغل وماركس واسبينوزا.. خلطات في إناء واحد، استطعت كمحاورة القبض عليه. هلوسات عاقلة تمنحك آلاف التساؤلات في آن واحد.

{ العبث السردي وذاتية في واقع ممزق هل تنتقد الأدب وتحاول دفع القارئ الى متاهتك؟

- نعم أنتقد الأدب الذي دأب على مجاراة الجوائز الأدبية اتساقا مع فكرة اوتوجروت الألماني التي مفادها.. الزبون عايز كده.. فنرى أعمالا مهمة لكتّاب كبار من الزملاء توضع على الهامش مقابل مجارير في أوراق بين دفتي غلاف يطلقون عليها من باب عدم الحياء روايات. أما متاهاتي فقلت سابقا وأرجو أن يعذرني القارئ ولا يتهمني بالتعالي، هذا الأسلوب حصري لي ولم يسبقني إليه أحد وسيفشل كل من يحاول اتباع هذا الأسلوب، وسيأتي اليوم الذي أبوح فيه بسر تلك الطريقة التي رغم دروبها المفككة تجعلك أسير أفكار واضحة تماما. في نهاية الحوار أشكرك جزيلا وجريدتكم الموقّرة وأرفع قبعتي للتجارب العربية الحقيقية في الأدب ولا سيما الرواية، التي تنافس وأعني تماما كلمة تنافس الروايات الغربية ولدينا المئات من الروائيين المستحقين لنوبل بطرفة سرد من ساحريتهم فللجميع جلّ التحية والتقدير.