بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2019 12:05ص عجقة ثقافة

حجم الخط
أجل... انها «عجقة» ثقافة، فالمدينة تضجُّ بمختلف ألوان النشاط الثقافي، معارض التشكيل بالجملة، خشبات المسرح لا تتوقف الحركة عليها، إصدارات في كافة أنواع الكتابة، حفلات غنائية وموسيقى تضفي جواً من الأمل الجميل على وضع عام أقل ما يقال فيه انه ليس على ما يرام.
ظاهرة بحاجة إلى تفسير..
فالوقت ليس خريفاً إذ ان المدينة اعتادت على عجقتها الثقافية خريفاً بعد كمود الصيف واستراحاته.
والوضع المعيشي لا يُشجّع على حضور حفلات وشراء لوحات ومشاهدة مسرحيات وإقتناء إصدارات.
إذن ما الذي يجري؟!..
الإجابة على هذا السؤال تقتضي معرفة حقيقة المدينة من حيث تاريخها الثقافي الممتدّ منذ اختراع الحرف واللون والنوافذ المشرّعة على كل إبداع في العالم حتى ولو كان في أقاصي المعمورة.
لم تكن بيروت فقط كما يصفونها أحياناً بأنها مختبر ثقافي، إنما هي بالإضافة إلى ذلك مصنع ثقافة، ونول لا يُمكن نسج أي نسيج ثقافي في المنطقة إلا عبره.
حتى ولو بدت الأمور غير ذلك..
في حديث مع روائي مصري صديق قال:
- عندما يصدر لي عمل من بيروت أشعر بمتعة وغبطة لا أحسّ بها لو صدر العمل من مدينة أخرى.
وتشكيلي سوداني عرض ذات يوم لوحاته المميّزة بألوانها الترابية منذ سنوات في بيروت قال:
- مجرّد أن أعرض في بيروت هو إنجاز لا يُمكن حساب قيمته.
المسرحي التونسي المبدع الجعايبي قال ما يقرب من ذلك..
وقالها أكثر من مغنٍٍّ وموسيقي أجنبي.
تلك شهادات عن واقع مدينة.. الثقافة هي عنصر أساسي من عناصر تكوين شخصيتها.
غالباً ما يبدو الوضع الثقافي على تشرذم وبعض الضياع لكنها تكون صورة خلَّبية سرعان ما تعود الأمور إلى أصولها وتركيبتها السحرية..
نعود إلى محاولة تفسير الظاهرة..
ألا ترى ان المدينة تدافع عن نفسها وعن حقيقة تكوينها ثقافياً؟!
هذه «العجقة» إذا لم نسمِّها اعتراضاً على واقع عام نرفضه فلا بدّ من التسليم بأنها دفاع مشروع عن النفس.
وستبقى هذه المدينة منارة تهدي سواء السبيل للقريب والبعيد وستظل عجقتها حياة تعقم شرايينها وشرايين ما حولها بالرغم من كل شيء..
بالرغم من كل شيء..
انه وجه المدينة الذي لا يذبل.