بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آب 2019 12:04ص عدسة الفوتوغرافيّة الفلسطينية كريمة عبود: الإحتفاظ بالبصمة الخاصة

بعدستها بعدستها
حجم الخط
التزمت الفوتوغرافية الفلسطينية «كريمة عبود» (Karima Aboude) بفن العدسة الضوئية ومعطيات الزوايا البصرية مشدّدة على انتشار الضوء، لحجز التفاصيل ضمن موجة ضوئية واحدة، لإبراز طبيعة شخوصها أو طبيعة الأبعاد مقارنة مع الحقيقة ضمن سرعة ضوئية أو فتحة حدّدتها على شكل (v) معتمدة على الأطوال الموجية في الألوان، وان ظهرت صورها بالأبيض والأسود، إلا ان الانعكاسات الضوئية محسوبة نسبيا على تعدّد الألوان أمامها محاولة تسليط الضوء على زاوية واحدة غالبا في تصوير الأشخاص، لتبرز ما تريده وتخفي ما يزعج العين أو ما هو خطأ في الشكل الذي أمامها، لتخرج الصورة كما رسمتها العين قبل التقاطها، وبهذا تكون المصوّرة «كريمة عبود» قد احتفظت ببصمة خاصة لعدستها، وان حملت الصورة تاريخا طويلا بعيدا عن زمن الصورة الحديثة والتقنيات التي ترافقها، إذ تلتقط زاوية سقوط الضوء لخلق تأثيرات كبيرة على الألوان القادرة على الامتصاص لتلعب على الفاتح والداكن وتكثر من الظل المؤثّر على الحجم، فتخفي العيوب في أي شكل تراه أو بمعنى تلعب دور الممحاة للأخطاء، وإنما من خلال الضوء وقوته من زاوية تختارها ببراعة كبيرة، مما أعطى ميزة واضحة لصورها التي تخلّد الزمن والأمكنة في فلسطين خاصة. فهل من كروية حذفتها عند إلتقاط كل صورة لتحتفظ بالزاوية والمحور البصري بتقارب بين الإغلاق والفتح دون انحراف لتتباين التفاصيل بوضوح صافٍ يبقى حتى مع مرور الزمن؟ وهل التركيز على بؤرة الضوء وإنعكاسه على الألوان هو حسابيا أسلوب المصوّرة الفلسطينية التي ولدت في بيت لحم؟

المصوّرة «كريمة عبود» هي ابنة القس «سعيد عبود» الذي ارتحل وعائلته جميعا من بلدة الخيام اللبنانية الى فلسطين، ونشأت ما بين الناصرة وبيت لحم، أهداها والدها كاميرا لتنطلق نحو الاحتراف، ونلمس ميزة تصويرية ذات سلاسة ضوئية متجانسة وشفّافة، وضمن الخصائص البصرية لزوايا الضوء في الصورة، وهذا ما يفصل بين المؤشرات والاتجاهات لتمرّ الإنكسارات وتوازن بين المسطحات بعد إغلاق العدسة، أي إلتقاط الصورة ضمن مهلة محدّدة تنتظرها بشغف، لتمنح الكائن أو الشخص مسافة ما بينها وبين العدسة وما بينه وبين العدسة، فهذه المسافات ترسم مسارات الأبعاد وتضمن وضوح الصورة بالتوازي مع المحور الضوئي الذي يعطيها التعبير التصويري الأصدق، وبتساوي ثلاثي بينها وبين الشخص والعدسة أو الأشياء التي أرادت تصويرها في حين انها تحفظ المستوى المعاكس في صورها ضمن الطبيعة أو الانطباعات حيث التقارب يكون في تجليّات تشدّ البصر، وتحتفظ بالظل بشفافية مطلقة، وبفواصل تتلاحم عندها المقاييس أو النسب التي تواظب عليها داخل الاستوديو مع الاهتمام لفروقات الضوء الطبيعي والضوء الصناعي المرافق للعدسة وحساباتها الدقيقة. فهل أرادت «كريمة عبود» الاحتفاظ بمفاهيمها التصويرية الخاصة في صورها الفوتوغرافية؟

تتحاذى المحاور الوضعية في أغلب صورها وتتقارب مع بعضها ضمن قاعدة ثابتة في رؤيتها للضوء وتحديد وقت الالتقاط، لتكوين الوضوح ضمن عدسة قديمة لا يمكن إعادة التصحيح بعد الالتقاط كما يحدث الآن تقنيا بالـ «فوتوشوب»، لهذا في صورها الطبيعية خارج الاستوديو تمنح لسقوط الشمس قوّة للصورة، لتستقطب الضوء كما تشاء هي، ومعيار فتحة العدسة، فمن خلال هذا استطاعت الحفاظ على التوازنات، وعلى ميزة ذات جمالية ضوئية تجذب الحس نحوها، بفن يميل الى الإمساك بالضوء ضمن زاوية برمجتها باحترافية فيزيائية تتفاعل معها العدسة، وتنتج الصورة الفوتوغرافية المتميّزة ببصمة «كريمة عبود» ورضاها عن عدستها دون أن تقلّل من جمالية المضمون، بل تضيف عليه جمالية تكوينية التقطتها العين قبل العدسة.

مجموعة الصور الفوتوغرافية لغاليري قدرات مقتنيات أيمن مطانس والتي ستعرض في مهرجان بيروت للصورة 2019 في دار المصور.




dohamol@hotmail.com