بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 شباط 2023 12:00ص غزل بنات

حجم الخط
بسبب ندرة الزيت والحليب، حكومة الجزائر تعتذر لشعبها. نعم، رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبدالرحمن، بلغه إختفاء الزيت والحليب من الأسواق. هاله الأمر. فبادرت النيابة العامة، إلى إعلان حرب كبيرة، على مشتبه بهم، في المضاربة في أسعار المنتجات الغذائية، بوضعهم على لائحة الإرهاب.
وأمام أعضاء البرلمان، وبمناسبة عرض «بيان السياسة العامة» للحكومة، قال رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن: «من هذا المقام أقدّم إعتذاري لكل رب وربة بيت، وجدا صعوبة في الحصول على بعض المواد... وأعدكم بأن الدولة، ستضرب بيد من حديد، على كل من تسوّل له نفسه اللعب بقوت الجزائريين». وبادرت النيابة العامة أيضا، إلى تصنيف أعمال المضاربة في أسعار بعض المواد الغذائية التي تشهد ندرة حادة... ضمن أفعال الإرهاب والجريمة المنظمة. كما اعتبر وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، بالعاصمة، أن «المواد الأساسية ذات الإستهلاك الواسع، تشهد مضاربة غير مشروعة، وزيادة غير مبررة للأسعار، بشكل يمسّ بالقدرة الشرائية للمواطن» مؤكدا أن هذه الأفعال تعتبر «ضربا للإقتصاد الوطني، وإجراما متعمّدا يقتضي التصدي له».
رئيس حكومة الجزائر، يعتذر للشعب لفقدان الحليب والزيت من الأسواق، والنيابة العامة، تعتبر ذلك نوعا من «الإرهاب والجريمة المنظمة»، فماذ تركوا لنا في لبنان؟! فقد اختفت كل المواد الغذائية، واشتعلت أسعارها وأحرقت الأسواق، وعمّ الغلاء والبلاء جميع أنحاء البلاد.
ماذا تركوا لنا من الأوصاف، حين يختفي الخبز كل يوم.. وحين يختفي الطحين كل يوم.. وحين تختفي تماما، الماء والكهرباء وكل ما يحتاجه الإنسان في يومه، من دواء وغذاء؟
اختفت الأموال من الأسواق فجأة. أغلقت المصارف أبوابها، سرقت أموال الناس وغابت عن السماع. أغلقت المدارس أبوابها.. أغلقت الجامعات أبوابها.. أغلقت البلديات أبوابها.. أغلقت المخافر أبوابها.. وصارت كل الدوائر إلى الإغلاق شبه التام. ولا يخرج علينا مسؤول، يطارح الشعب الهموم والحاجات، ولو من باب المواساة.
غابت الطبقة السياسية كلها عن السماع. تصمّ آذانها عن شكاوى الناس: عن شكايتهم من شدّة الجوع، من شدّة إرتفاع الأسعار، من شدّة الفلتان الاقتصادي، من شدّة حرق أسعار المحروقات. وقد ضرب الشتاء، موعدا مع أهالي الجبل، وأهالي القرى، وأهالي الساحل والداخل، يتوعدهم بقرب نزوله بينهم صقيعا، تيبس منه الضلوع، وتنشف له الحلوق، وترخص الأبدان.
ماذا نسمّي الحالة التي يمرُّ بها لبنان؟ ماذا نسمّي هذا الوضع السائب المتسيّب، في جميع الوزارات، في جميع الإدارات، في جميع أنحاء البلاد؟ ماذا نقول عن حكومة مستقيلة، لا تستطيع النهوض من الأرض، لا تستطيع النهوض بالأعباء، لا تستطيع النهوض بالحاجات، ولا تستطيع وقف الجريمة المستفحلة على الناس؟
ماذا نسمّي هذه الحالة؟ ماذا نسمّي هذا الشذوذ عن القاعدة؟ ماذا نسمّي كل هذا الإضطراب في بحر الناس، حين يضج الموج، حين يعلو، حين يغمر الساحات، حين يعتو، حين يسيل بالناس؟
فقدان الحليب والزيت في الجزائر، يستنهض رئيس الحكومة، للإعتذار من الشعب، يجعل النيابة العامة، تحسب الأمر جريمة منظمة. أما كل هذا الغياب، في المتاجر والأسواق، وفي البنوك والمصارف، وفي المدارس وفي الجامعات، أما كل هذا الغياب في الوزارات والرئاسات والإدارات، فلا يعرف عندنا، إلا أنه نوع جديد من «غزل البنات».

أستاذ في الجامعة اللبنانية