بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2020 12:01ص غياب الشاعر جورج طربيه

حجم الخط
جورج طربيه في طليعة نخبة من حملة الأقلام في هذه الأيام. عمل في حقل الأدب العربي، بعزيمة راسخة وإيمان وطيد، أدّى رسالة الثقافة المترامية الأطراف، بمنتهى الإندفاع والإخلاص.

انه أحد العاملين الصادقين القلائل، المجاهدين في سبيل لغة الضاد، والمساهمين مساهمة فعّالة، في نشر أسمى الروائع الفكرية وأسناها. أهدى إليّ كل مآثره فكان إعجابي بمواضيعها وأسلوبها وحوارها شديداً بارزاً. ولا غرو، فالدكتور جورج يعبّر عن فكرته في وضوح وإنسجام، ويصوّر دقائق العاطفة في صدق وجلاء، وينفخ في أبطال قصصه أرواحاً قوية تجعلهم حقائق راهنة، تؤثّر في القرّاء، تأثيراً بالغاً، يدعوهم إلى أن يقدّروا جهده الأدبي حق قدره.

وكم من كتب تصدّرتها مقدماتٌ بليغةٌ منه، كتبها بأسلوبه الجميل المستحب، وكم من تمهيد لندواته المنزلية أو كلمة من على منبر أدبي، جاء طرفة قلمية، تحدثك في صدق وأمانة، عن أديب نادر أو مفكّر بارز أو فنان محلّق، وعن مكانتهم الرفيعة في عالم الفن والأدب ودنيا الإبداع على العموم!

جورج طربيه من أصدق أصدقائي، في الفنار وجبيل وصربا وتنورين وسائر المدن والقرى اللبنانية.

فجعتُ وفجعت الآداب، بَفقْدِ ذاك الجندي الأبيّ المخلص، وبكى القلم كاتباً بارّاً، جاهد في سبيل الأدب، جهاد الأبطال الصناديد، وناضل من أجل أمته ووطنه نضال القادة الأشاوس، وبذل زهرة شبابه، وكل ما كان يملك من عزم ومال، على مذبح الوطنية الصادقة الراسخة، وتحمّل ما تألّب عليه من متاعب ومصائب، بعقيدة المؤمن بنبل غايته وسمو رسالته، ظل يجالد ويجاهد، حتى تغلّب عليه مرضٌ لم ينفع فيه طب ولا علاج، فأغمض جفنيه عن هذا العالم المنغمس في حمأة المادة، ليفتحهما في عالم روحي بهيّ خالد. وقد شقّ نعيه على اخوانه واخدانه وزملائه ومحبّيه، فبكوه بدموع سخينة سخيّة، وشيّعوه إلى مثواه الأخير، وهم يصعّدون عليه الزفرات، ويسألون له وابل الرحمات.

وهنا، لي أنا رفيق دربه اللصيق به إلى جنب زوجته مارتا وولديه وسام وفدى، هذه الكلمة الواجبة أقولها في فقيدنا الكبير العزيز، الذي ترك بيننا ذكرى طيبة لا يدركها البلى، ولا تقوى على اجتياحها كفُّ الفناء.



أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه