بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيار 2019 12:30ص «غياب» لـ «لارا قانصو» مع 4 ممثلات على خشبة «دوار الشمس»

المرأة محور المشاهد والحوارات والرقصات لتجنيبها العنف في منزلها...

لقطة من المسرحية لقطة من المسرحية
حجم الخط
الصوت النسائي يعلو منذ فترة، في المظاهرات، في الندوات، في التصريحات التي يدلي بها المسؤولون، وعلى خشبات المسارح.

آخر الغيث: «غياب»، مسرحية للمخرجة لارا قانصو عن نص لها، تقدّمها على خشبة دوار الشمس حتى 14 نيسان/ إبريل الجاري، تدير فيها أربع ممثلات (ضنا مخايل، نوار يوسف، ستيفاني كيال، وماري تريز غصن) كنَّ في غاية الجهوزية والأداء المقنع والمميّز، رقصاً وحوارات مع الأجواء المصاحبة.

العمل الجديد، يعقب عمليها: «عشق» (2016) و«عرس زهوة» (2014) وفيه نفس نسائي مضاعف، النص كما الإخراج وكما الممثلات في خدمة هذا الهدف الذي يريد التركيز على العنف الزوجي، والتعنيف اللفظي، والاقلال من إحترام المرأة في منزلها ومحيطها العائلي الضيق.

الخشبة مريحة... بدت شاسعة ببضع كومات من الرمال، لتأكيد الموازاة بين أمنا الأرض والطبيعة، وبين الأم المرأة، لذا فإن أي إتحاد بينهما هو حالة من التوأمة النموذجية، لذا أيضاً تكون عملية الإنسجام في حال تكاملية تمّ التعبير عنها بأقصى المعاني المشهدية من خلال الديكور الرصين، العفوي والذي اعتمد على ستار كامل غطَّى مساحة الخشبة بالكامل، وعند تحريكه من جوانبه بأيدي ثلاثٍ من الممثلات تبدو تعرّجاته وكأنها أمواج بحر عارمة تحاول الأنثى الرابعة أن تعبره في مشهدية موحية بكل الصعاب التي تفرض المرأة وهي تخوض غمار الحياة اليومية بكل تفاصيلها ومع ذلك تتجاوزها وتصل بطريقة أو بأخرى إلى بر الأمان.

ينجح مثل هذا التعبير في توصيل جانب أساسي من الرسالة، وتبدو الإضاءة خادمة وفيّة للمشهد وبطلته، ومنها تتأرجح الصور، تضيق وتتسع ثم كلام قليل عن الأرض، وكلام أكثر عن المرأة، كيانها، جسدها، روحها وأي ردّة فعل على هذا المناخ ممن حولها، وطبعاً الرجال هم المقصودون بكل هذه المحاضرة المرئية خدمة للضغط الممارس تحقيقاً لكشف قضايا هذا المخلوق أمام العامة وجلب أكبر قدر من التأييد والمباركة لدورها وفعلها في مجتمعها.

وكل الأفكار المدرجة لها خلفية واحدة، هي واقع الحال في مجتمعاتنا المحلية والعربية رغم بعض الاختلاف، لكن الكاتبة «قانصو» غرفت من مناخات كتّاب عرب (سعيد بهو الدين مجروح) وعالميين (مارغريت يورستار، فريدون، وكلاريسا بينكولا إستس) عبر مؤلفات ثرّية بالتجارب والحيثيات (الإنتحار والأغنية، الأرملة  أفروديسيا، المرأة المرجوحة، ونساء يركضن مع الذئاب)، كل هذه الأجواء إنعكست بصورة عميقة على «غياب» فبَدَتْ مسرحية ترغيب في تأكيد هذا الغياب لكل قضايا العنف ضد المرأة، وطرق التصدّي لها، ومنعها من التفاعل والإستفحال خدمة لاستقرار مجتمعي ضروري هذه الأيام.

الرقصات التي أدّتها الممثلات رسمها الياباني كازومي فوشيغامي، حيث بدت الأجواء منسجمة مع معظم الصور غير المرغوب بها للمرأة، وإذا بكل ممثلة تقوم بحركتها غالباً مستقلة عمن حولها، وعندما كان لقاء الأجساد يتحقق جذبنا مشهد إندماج أكثر من إمرأة في إطار واحد، ففي رسم جميل للرقص بدت عدّة راقصات تتناوب رؤوسهن على جسد بدا واحدا، وهو ليس كذلك، لكنه يُؤكّد على حقيقة ميدانية توصف القضايا بأنها جامعة لكل النساء، لذا فكلهن في الهم واحد.

أجواء العمل شديدة الإيحاء.

وحضور النساء على الخشبة بدا حاضناً لهن بالأجساد المتناسقة، وبالتماهي مع الحركة، والنغمة الموسيقية التصويرية، وصولاً إلى تصوير المشهد الخاص بالحقوق النسائية في الإنعتاق من ربقة الأفكار المسبقة المأخوذة عن موقع وكيان المرأة والتوازنات الاجتماعية التي تمثلها: زوجة، وأماً، وصولاً إلى كونها كائناً جميلاً يستحق كل الحب والحنان والدفء ومراعاة الخاطر من دون أدنى تطاول على صورتها ورمزيتها.