بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 آب 2022 12:00ص فلسفة الفن التشكيلي والمفاهيم الجمالية في أعمال الفنان جوزيف مطر

من أعماله من أعماله
حجم الخط
تتجلى التعابير الفنية في أعمال الفنان التشكيلي «جوزيف مطر» Joseph Matar من خلال النضوج الفلسفي الذي يجتاح الفكرة المنطلق منها وفق موجة عارمة من الحركة اللانهائية، لريشة تمثل دورة الحياة برمّتها من النقطة والى النقطة نعود، وكأنه يبرمج مفهوم الموت والحياة والبعث، والعودة الدائمة لبراعم الأجنة الإنسانية الى كوكب الحياة المضيء بروحانية المحبة التي تبعث النور، تعبيراً عن حالات انفعالية، وأخرى وجودية راسخة في ثقافته المستخلصة من شاعرية يخاطب بها من خلال اللون العقول البشرية، والأخرى التي تتغلغل في أعماق ما تراه، والباحثة عن ما يجب أن تتأمله في تاريخ الكون والرسل، ورحلاتهم بعيداً عن المسارات الجافة في الحياة ومشاكلها. فالمعنى التشكيلي في لوحاته مولود من فلسفته الغنية كيميائيا بإيقاعات الألوان أو الأحرى تفاعلها المألوف، والمستقر في عمق الشعور الفني بعيداً عن الرتابة، بل يمدّ البصيرة برؤيا لونية تثير قيمة التغلغل في فضاءات التعبيرات، المؤكدة على لغة هي مناخات فنية يغرس فيها أفكاره الفلسفية بعيداً عن الالتباس والغموض. فاللغة الفلسفية في لوحاته عميقة التعابير وواضحة المسارات، كأنه يفتح لوحته للمتأمل مثيراً العديد من التساؤلات عن رحلة الحياة التي خاضها الإنسان، وفق معايير المحبة وطريقها الممتد تاريخيا منذ نشأة الكون حتى الآن، وبليونة أظهرها في لوحاته المرتبطة بواقع الحياة بعيداً عن مرارتها، وعن جفاف اللحظات المأساوية التي نمرُّ بها. فهل يحدّد الفنان «جوزيف مطر» القيمة الفنية في لوحاته من خلال جمالية فلسفته التي يؤمن بها في الحياة؟ أم مشاعر اللون تتمثل في الحركة وما تقتضيه الريشة من إبراز التفاصيل والخطوط لرحلة الإنسان، من التراب والى التراب نعود. لكن بما يقتضيه معنى المحبة والسلام؟ وهل بؤرة القداسة هي في رحلتنا الحياتية الحقيقية ومعناها الخالد من الطفولة الى البلوغ الى البقاء الغامض بكينونته؟
تأسر الألوان ومعانيها وما ترمز إليه من تدرّجات الاحساس بيوم البعث او الدينونة الخالدة للحياة الحقيقية فعلياً، وتجعل العين تثابر على الإستكشاف، للغوص في لب فلسفته الجمالية وطبيعتها المتشظية، للدخول الى عوالم روحانية تسمو بها النفس بموضوعية ذات شغف فني وأصول في فهم معنى اللانهائية في دورة الحياة برمّتها، بمعنى الظاهر والباطن، وحالة الإنبهار التي ترافق الدعوة الى محبة الحياة والحفاظ على المسار الآمن للإنسان، كجوهر جمالي ينبعث من طاقاته الألوان التي تتنوع وتتعدد، إلا أنها لا تخرج عن الثنائية لمعنى المادة وروحها، والتزاوج بين روحية الإنسان ووجوده الذي يتشكل في معنى حياته. فهل تسعى ريشة «جوزيف مطر» الى تشكيل معنى دورة الحياة للولوج الى البنية الأساسية للوحة الشبيهة بحياة الإنسان ودورة وجوده في الكون برمّته؟ أم أن الألوان هي التحولات بين الحركة وتجاوزاتها عن الضوئيات أو الفضاءات المفتوحة على عدة فلسفات؟
تؤدي الضوابط الفنية الى التحرر الموضوعي للمعنى الفلسفي التشكيلي الى الاستحواذ على جمالية ما يًطلقه في لوحة تمثل ما يؤمن به بشكل عام في رحلته الحياتية، والتي تتشكل من جزئيات الألوان المثيرة بصرياً وإيقاعيا على النفس. إذ لا تخلو لوحاته من المعايير المدوزنة، والممتزجة بإشكاليات الغموض التعبيري في الفن التشكيلي وتفسيراته المشحونة بنمو تجربة الإنسان من الولادة الأولى الى الولادة الثانية، لندخل في حالة نشوة مع كثرة التعابير الحركية ودورانها عبر الخطوط الأساسية لقانون الوجود، والتوأمة بين الحس الوجودي والآخر الأثيري، ليؤكد من خلال الفن عن إيمانياته العميقة بقيمة الإنسان المحب تحديدا للجمال وللآخر، لتحتضن لوحاته قيمة المعنى الإنساني في الماضي والحاضر والمستقبل، وليفتح نافذة هي لوحة تنتمي للإنسان وقيمة جمالية الحياة، وفرادتها في تشكيل البصمة الحقيقية للإنسان فيها. فهل الألوان في لوحات «جوزيف مطر» تمثل ولادة الإنسان التي لا يشيخ بعدها ولا يموت؟ أم أنها العوالم التي تتضح من خلال الحدس الخفي وما ترصده المشاعر من أحاسيس واعية أثناء نشوة الرسم وما تمارسه الريشة من سحر في مزج الألوان؟ وهل لوحاته محكومة بجدلية الخلود الروحي للإنسان ومحبة الله التي لا تنتهي؟