بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيار 2022 12:00ص فنتازيا الألوان الصارخة عند فنان القضايا المحقّة منير العيد

حجم الخط
تبلغ درجة التشبّع واللمعان درجتها القصوى في لوحة الفنان «منير العيد» التي توحي بقصة مختارة ماي, وهي امرأة باكستانية ريفية من منطقة نائية من البنجاب, تعرّضت للاغتصاب الجماعي بأمر من مجلسها القبلي كعقاب على علاقة شقيقها الأصغر المزعومة بامرأة من عشيرة أخرى. وبدلاً من الانتحار أو العيش في خجل, تحدثت مختارة ماي, وناضلت من أجل العدالة في المحاكم الباكستانية, مما جعلها تتصدر عناوين الصحف العالمية. وفي تحدٍّ إضافي للعادات, أنشأت مدرستين للفتيات في قريتها ومركز أزمات للنساء المعنّفات. أدركت مختارة ماي, التي لم تتعلم القراءة مطلقاً, ولكنها عرفت القرآن عن ظهر قلب, وأدركت أن التغيير في العقلية فقط هو الذي يمكن أن يكسر التقاليد والأعراف الاجتماعية الوحشية القديمة. أدرجت قصتها في الكتاب الأكثر مبيعاً وهو بقلم «نيكولاس دي كريستوف» و«شيريل وودان، وموضوع مذكرات مختارة ماي الخاصة: باسم الشرف»، وقد ألهمت النساء في جميع أنحاء العالم. كما ألهمت الفنان «منير العيد» لرسم لوحة فيها من الرموز التعبيرية ما يجعلها تتخذ من الفنتازيا الكثير من المعاني التصويرية, وإنما بأسلوب كاريكاتوري يجسّد المعنى, كمعنى السمك الصغير والسمك الكبير الذي يأكل بعضه البعض، بأسلوب التكبير والتصغير في الأحجام، وبجودة التشبّع اللوني وقوة درجاته في الخصائص البصرية التي ينبغي أن تثير المجال البصري عند المتأمل للوحاته. فهل يتفاعل المعنى مع التشبّع اللوني في المؤثرات الضوئية المفتوحة على عدة درجات أو الأحرى على عدة ضربات منها الكاريكاتوري بمعناه التشكيلي والآخر الذي يرتكز على الضوضاء التفاعلية بين الألوان والأشكال والخطوط الفنتازية ان صح القول؟.. فهل ترتبط المتغيّرات في لوحة «مختارة ماي» بالمعنى القوي لقصتها المشبعة بقسوة الأعراف والتقاليد، وهي التي فهمت المعنى القرآني وادركت ان التعلم هو الحقيقة التي تتصدى بها للعقول المتأكلة؟
المعنى كالأسماك السابحة في فضاءات الشكل كعنصر مرئي محسوس لألوان أساسية استندت على قوة الحدث الذي تعرضت له مختارة ميا، وألهمت الكثير من التشكيلين في رسم قصتها بريشة جمعت من عناصرها الفنية ما سمح لها التركيز على جوهر اللون وكيفية خلق كاريكوترية ترتكز على مقومات العمل الفني المحكومة بعوالم تعبيرية غنية بخاصية الايحاءات المتعددة بمضامين مدججة بحركة فنتازية مكثفة بدرجات الألوان المتلائمة والمنسجمة دلاليا بتصورات يوظفها لخلق ديناميكية خاضعة يستنطق من خلالها المخزون المضموني لقصة مأساوية توليفية تدعم القاعدة الفنتازية التي أسسها منير العيد من خلال ممارسته لمواضيع حياتية واقعية لقضايا محقة يحوّلها الى فنتازيات ممتعة وجذابة للعين وفق محسوسات لمعنى يتواءم مع الرموز التي تحاكي بتوازن بين الخصائص الحيوية لإضفاء توق بتآلف وانسجام يوحي بتشكّل قصة مختارة ماي، وماهية القصة المأساوية التي تعرضت لها بتحويل الألوان لخدمة الرموز التعبيرية، ولفتح البصيرة على الايحاءات الغنية بجماليات ذات صياغة فنية متوازنة في تلقائيتها، وكأنها محبوكة بخطوط وألوان لمنحها معنى كاريكاتوري يحكي بشكل بصري قصة الحياة حيث السمك الكبير يأكل الضعيف، وما بين الصغير والكبير, والتشكيل الجذاب لعين تبحث عن معنى جمالي في لوحة هي في حقيقة الأمر تشير الى قصة مختارة ماي والتي تتكرر كمظالم حياتية لا تنتهي. فهل حملت ريشته هموم القضايا الإنسانية؟ أم أنه ينجذب كاريكاتوريا نحو الألوان لخلق حقيقة من واقع لمتخيّل تشكيلي جمالي المضمون والأسلوب؟
يوظف الفنان «منير العيد» التعبيرات لخلق جماليات ذات تفاعلات دلالية من الأحجام وفروقاتها التي تخدم الصياغة، وتحيط بالأشكال الفنية المتمثلة بالجزء والكل، وبالتكوينات المستقاة بالرؤى وتحولاتها المحيطة بالمتغيّرات اللونية وذبذباتها التي تتسم مع الترتيب الشكلي بين الأسماك وما خلفها أو الشكل الفني الذي يراعي الغموض في جوهريات عادلها، لتكون موازية في الغوص الموضوعي لقصة اختارها, ليرسمها عبر ريشة التزمت بقضاياها الإنسانية واستطاعت خلق تحديات بين المتناقضات ومفاهيمها في الرسم. فهل تمثل كل لوحة من أعماله قصة إنسانية مشحونة بالرؤى الفنية؟