بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تشرين الأول 2022 12:00ص في التماسك

حجم الخط
عدم التماسك هو أكثر ما يمسك بالمرء في معطوبية وجوده. وما من شيء ثابت مثلما عدم الثبات. هل التماسك التام يماشي غير ما يثير الاستغراب والتساؤل؟ العالم سويّ الى حد بعيد وليس عليه أن يكون إلا على جانب من اللاتماسك المحيي.
التماسك هو الملاذ الأخير لدى عادم المخيّلة. أما التماسك النسبي لدى الحذرين والحكماء، فهو يعني التناغم والأحوال وليس انتهاج السبيل نفسه على الدوام بتأثير تغيّر الأحوال. التماسك الأول يقتضي أن أكون جاهلاً اليوم مثلما كنت لسنوات خلت. انه نقيض الطبيعة والحياة. والشعب الوحيد المتماسك تماما هو شعب ميت. وهناك من في ودعهم أن يوهمونا بان البقاء في حفرة الرتابة هو التماسك بعينه وانه فضيلة الانصهار الوطني - والانصهار لا يصلح فعلا إلا للمعادن. يوهمون قلوبنا وعقولنا عبر براعة الألفاظ ربما، بان الخروج على الانصهار الوطني عيب مريب، في حين ان مسعى الإفراط في التماسك سيئ للعقل والجسد على السواء.
الدولة الواحدة المتماسكة - وليس الممسوكة - بالحد الأدنى، هي أضعف الإيمان ونتيجة وجدان ومحبة. ولكنها، في شرذمة وطننا الصغير في حجمه والكبير في أحلامه واستيهاماته، لا تبنى على السلبيات والبغض وتراشق الاتهامات. فإلى شيء من التنسّك والحب والمعرفة البيضاء ندعو شعبنا ليحيا الجميع حياة جدّية. ولنحتذِ بكبار المفكرين وبشريف أمثالنا الشعبية، نتجل أمة جديدة جالسة على الشمس، تحييها الأمم أجمل تحية.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه