المخاوف تتنامى فينا، وشأنها، إذا أردنا، أن تثقفنا.
الحب يلدنا ثم يولد معنا والخوف هو ما نتعلّمه وقد نتعلّم منه. يخاف البشر من ظاهرتين: الضوضاء الفجائية والهبوط المدوي. خبرتهما منذ نعومة أظفاري خلال أحلامي التي اختلفت تبعا لمدى تماسكها ومنطقيتها. ولكنها بدت عموما خالية من المعنى والمعقولية... أما سائر المخاوف فارى ان علينا أن ننعم النظر في مضمونها للتعلّم منها.
الخوف والهلع اللذان لا مبرر لهما في حالة الأمراض والمحن الوهمية، هما مجرد عادات سيئة. بفضل تهوية ما وإضاءة ما مناسبتين للذهن السويّ، من الممكن أن ننمّي الاتزان والشجاعة الحقّة في نفوسنا. والواقع ان لا شيء في الحياة يستحق فعلا الخوف. علينا أن نكنه حيثياته ليس إلّا. علينا أن نبدأ بتعليم أنفسنا وليس بالتخوّف، أكان تخوّفا على النفس من مرض وهمي أم تخوّفا من خطر محتمل كأن نتخوّف من تعرّض الوطن لهجوم وشيك. في مختلف الأحوال شأن هذا أن يعزز أسباب الكذب والتكاذب لدى صغار القوم وكبارهم على السواء. وكم دك الكذب عروشا أو كاد. السيطرة على الخوف هي الواجب الأول في مسيرة الإنسان السويّ. انه لا يخشى العواصف الشديدة لأنه تعلّم كيف يقود سفينته.
معالجة أسباب الخوف بالتخوف مجلبة لعيوب لا نراها في الحيوان.
ملاعبة الخوف بالتلاشي أمامه تنمّي اختلاجاتنا اللاواعية. من يعش في الخوف يخسر كل فضائل الإنسانية الفذّة. تهتك الشجاعة في نفقنا الطويل وتتبخر بسمات الأطفال. فمتى نهتك حجب الظلام والظلم؟ متى ينهي ذوو النفوذ مأساة خوف تملّكهم صغارا فينعم الله عليهم بالقدرة «الرجولية» على توبة نصوح؟
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه