بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 شباط 2021 12:04ص في عيد الحب

حجم الخط
الحياة بلا حبّ كشجرة بلا أزهار ولا أثمار. والحب بلا جمال كأزهار بلا عطر، وأثمار بلا بذور. الحياة والحب والجمال ثلاثة أقانيم في جوهر واحد لا يقبل التغيير ولا الانفصال.
الحب مصدر من مصادر الالهام، يثير المشاعر ويلهب الإحساس ويقود الإنسان شطرَ منابع الوحي الصافي.
في الحب حياة للجسم وحياة للنفس بل الروح. حبّ الأم عزاء في الحزن ورجاء في اليأس وقوة في الضعف. وقد يحلّ حبُّ الأخت محلّ الأم!...
في حب المرأة نموّ للجسد ومن قلبها تنبثق السعادة وما إليها من عواطف. قلب المرأة قد يتقلّب ولكنه لا يموت. تسمعك من غير أن تكلمك ما لا تتفوّه به عندما تخاطبك.
ليس الحب بأموال وعطايا، وبالمؤانسة والتكريم، بل هو ملامسة قلب المحِبّ قلب المحَبّ بشعلة الحب المحيية.
الحب نفحة علوية وقطب الرحى في هذه الحياة وهو يبقى، دون الإيمان والرجاء، بعد الممات. انه كوثر تسكبه عرائس الفجر في الأرواح القوية، فيجعلها ترتقي أمام ظلال الليل وتترنّم أمام شمس النهار. انه نور سحري ينبثق من أعماق الذات وينير جنباتها، فترى الكون موكباً ماشياً في مروج خضر، والحياة رؤيا بين اليقظة واليقظة.
من زمان، بات قلبي لا يعرف الحقد لأن الحب فتح عينيَّ أكثر مما فعل العقل، بأشعته السحرية، ليس مَن يكتب بالمداد كمن يكتب بدم القلب. الحب متعدد الأوجه والمراتب. يتحوّل من عمر إلى عمر ومن جيل إلى جيل، وعندي انه يتميّز قولاً وكتابة وممارسة، باستلهام الرومانسية، تنتابه مراحل يطغى فيها الوجدان والتوجّه شطر التناغم والعواطف التي تعصف في نفوس العشاق والأحبة عموماً، ويتفق شيئاً ما والأوضاع الاجتماعية القائمة. يلتقي الحب المحبة في وجده وحرارته ولهفته وجيشانه، تتباهى الحالتان في جوهر الله سبحانه الذي خلق الإنسان من لحم ودم ليُظهر حبّه أو محبته الالهية الفائقة. فهل ترى كان الله ليعنى بالكون ومَن وما فيه بلا حب أو محبة لا متناهية؟ ألا ينبغي أن تسفر المحبة (أو الحب) الحقيقية عن اخوّة عالمية تتجاوز الانقسامات السياسية والعرقية والقومية؟ ألسنا جميعاً أسرة واحدة بسلف واحد يحبّ وبخالق مشترك؟
الحب والمحبة والهوى.. إنما هي في تربة صدق تتحدى الصعاب والمستحيل، ولو سألنا الوفاء في مجتمعاتنا وسواها، علمنا ان الوفاء يجعل تلك الثلاثية المتفاعلة تقسم أن ليس من لبنان بديل!
ثلاثة أشياء يجب ألّا يتخلّى عنها أي إنسان مهما كانت الأحوال: التوق إلى الحب والبحث عن المعرفة والرحمة بازاء البشري، وعندي ان الحب هو مدخل المكوّنين الآخرين. فلنحب ونفعل ما نشاء!
في عيد فالنتاين، أرجو أن ينقشع الظلام أمام أعين «الكبار» قبل «الصغار»، وتتبدّد سحب الشك والضلال، ويضيء نور المحبة قلوبهم فتغشاها طمأنينة وسكينة هي سكينة الإيمان بالله الذي يغمرنا دوماً بفيض من سناه.


أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه