عادة ما يستعمل السياسيون عندنا في معرض إجابتهم على سؤال أو تحليلهم لوضع جملة (كلام شعر) بمعنى ان هذا الكلام المقصود بالجملة هو كلام خيالي وغير واقعي أو عملي.
لكن المشكلة في هذا التشخيص انهم أو بالأصح أغلبهم إلّا من قلّة قليلة لا يعرفون شيئاً عن الشعر ولم يقتربوا منه يوماً لأن عقولهم تعمل باتجاه آخر على علاقة بالأرقام والأرصدة والصفقات والمكائد والمناكفات وخير دليل على ذلك هو ما وصلنا إليه من تردٍّ وسوء حال.
وحقيقة ان الشعراء في كل وادٍ يهيمون لكنهم بكل تأكيد لا يلحقون الضرر بأحد وفي أكثر الحالات إنما يلحقون هذا الضرر بأنفسهم فقط..
إذن لماذا هذه الاستهانة إلى حدّ الاستهزاء بالشعر وأهله؟..
وقد يكون هناك مجال لتحرير هذا القول لو أن أصحاب العلاقة الذين يقولون ذلك يقومون بواجبهم بعيداً عن الشعر بشكل جيد، لكن الحاصل معروف وليس بحاجة لإثبات، إذ سألوا أحدهم عن أحوال أولاده فقال لهم: ها هم أمامكم..
وعلى الرغم من تبرؤ أهل السياسة من الشعر والشعراء واعتبار أنفسهم على نقيض معهم فإن هناك ثمة ما هو مشترك ما بينهما من منطلق القول «إن أجمل الشعر أكذبه» وهنا يلتقي أهل السياسة مع الشعر ولا يفترقا.
وبناء عليه فعلى أهل السياسة الابتعاد عن جملة «كلام الشعر» ما دام هناك جامع مشترك معه.
وان كان هناك مشترك آخر وهو حالة التردّي في الحالتين، فالسياسة عندنا على ما هي عليه تشبه الحالة الشعرية الراهنة في كثرة الشعراء وندرة الشعر، إما في السياسة فـ«عجقة» سياسيين وندرة غايات ناصعة وضمائر حيّة.
وكل ما سبق ليس هجاء بل تصوير لوضع متشابه يجتمع على سطح واحد لا نتيجة له إلا مزاريب ألم يتجسّد في غمام يغطي البلد وإنسانها والبشر والحجر والسياسة والشعر.