تتأصل المعاني في لوحة القناع للفنان «فيليب درويليت» (Philippe Druillet) التي تمثل في لونها نوعا من الغضب أو من الاستنكار والابتعاد عن الحقيقة، وهي عبارة عن قناع يجمع الكثير من الحضارات التاريخية، وإن بأسلوب يميل إلى السريالية، إلا انه يجمع الأزمنة بين الماضي والحاضر والزمن المعاصر حيث باتت هذه الأشكال تحاكي أجيال «الانيمي»، والصراعات الالكترونية الحالية المستمدّة من تاريخية الكثير من الأبطال، لونها أو ابتكاراتها، بأسلوب فني تكنيكي تشكيلي يميل الى الخيال التصويري المستوحى جزئيا من الثورات التاريخية، والروايات الأسطورية، وبابتكار حضاري يجمع الثقافات مع الفن الحديث.
وان بدت خلفيات أعماله تصويرية تخيّلية توحي برسومات المعابد الخرافية أو الهندية، التي تأخذنا الى عوالم الفضاء ومعارك النجوم، إلا انها تجمع الغضب والاستنكار في هذه اللوحة القادرة على جمع الأفكار والثورات التاريخية كلها على مرِّ الأزمنة المضرّجة بالأقنعة ذات الألوان الغاضبة التي شحنها «فيليب درويليت» بابتكار ذي نوع تتابعي يتجدّد مع الفن المعاصر، وبجرأة رسومات تستند مفاهيمها على القناع الأوبرالي في الكثير من معانيه المتعددة التي تجعل المتأمّل له يغوص في عدّة حضارات من ضمنها الأهرام المصرية، وما يتعلق بها من أساطير وحقائق ارتبطت بهذه الحضارة. فهل تتجدّد الأقنعة في العوالم المتخيّلة كما الواقع؟
تحمل لوحة القناع تقنيات متوازنة فنيا ينفي من خلالها قوة المثلثات الخرافية رغم انه تمسّك بها، وان بدا منها شيطان الأرجل المتحركة أو كائن الفضاء المتسلّط أو الثوري الغاضب، والكثير من المفردات والعناوين التي تثيرها هذه اللوحة المرتبطة بأعمال الفنان «فيليب دوريليت» والتي تشبه الخرافات المرتبطة بالرموز الفضائية أو عوالم الشعوذة، إلا أن هذه اللوحة تحديداً تستحضر الكثير من المؤثرات البصرية المختلفة، والقادرة على جذب الذهن الى ملهاة دانتي أو غيرها حتى من الملاحم، وبخطوط كثّفها ومنحها لغة تراثية تشبه تلك المنحوتات على الصخور في كهوف استفاقت مع الزمن المعاصر. فهل للغضب عدّة أشكال في هذه اللوحة؟ أم هي سيناريو لتخيّلات بطولية يقوم بها القناع السريالي أو الهزلي المحمّل بمفهوم الكائنات الغريبة التي تنزل على الأرض؟
ربما بعض التخيّلات ترافق مقالي هذا، إلا ان الأحداث التي تجري في العالم منذ ولادة الكون حتى يومنا هذا، يترجمها باختصار هذا القناع الذي يجعلنا نستنبط الوجوه المقنعة اليوم، إلا انها خالية من العمق الذي يوحيه «فيليب درويليت» في قناعة ذي الثقافات الغامضة، وبمقاييس فنية ميّزت هذه اللوحة من رسوماته دون سواها، لأنها ذات خطوط متشابكة، لكل منها رمزية مختلفة عن سواها تأخذك من الأساطير الهندية الى المصرية فسواها من اللواتي تشير الى التنافس والتسلّط والعنجهية، والأنا العليا والانتقام بعيداً عن التسامح والسلام، إلا أنه منح الوجه صفة فنية تشكيلية يستنسخ من خلالها عدة رسومات هي لشخصية ابتكرها من القناع، وان صحّ القول القناع الأسطوري الأزرق الغاضب أو الثائر بعيون لا تبصر، وإنما تصيب من حولها بالأذى، وبتناقض بين الألوان الأساسية التي استخدمها بتقليد يؤسّس لرسومات أخرى تحاكي هذا القناع بشراسة تعجُّ في اللوحة نفسها، بالإضافة الى تكوين المعالم التاريخية من خلال الدوائر بمهارة تحمل الكثير من الإشارات لحضارات منها جلجامش أو بابل أو الأهرامات أو الكائنات الخرافية من الحكايات التي تؤذي الأجيال القادمة القادرة على إدخال لوحة القناع حتى في ألعابها الالكترونية. فهل لوحة الفناع هي لوحة غنية معاصرة؟