عندما يصدح الشعر تميل القلوب الى اللغة التي توحّد اللسان العربي الذي ما زال ينطق شعراً رغم كل الظروف السيئة التي يمرُّ بها العالم حيث قررت «إذاعة رميم» بالتعاون مع الشاعرة فاطمة بوهراكة إقامة أمسية شعرية لمجموعة من الشاعرات العربيات من كافة الدول العربية، وتقول الدكتورة مها خير بك عن ذلك: «كان اللقاء متمايزا من حيث التنظيم والتقديم والتفاعل بين الشاعرات المنتميات بالهوية الى عدد من المناطق العربية والمنتميات بالإبداع الى فضاء الشعر حيث تلتقي الكلمات المجنحة بحقيقة الإنسان الحر الخارج على التموضع والتقوقع والتبعية، فأثبتت هذه الأمسية قدرة الشعر على إلغاء المسافات، وعلى التلاقي الفكري الحر الجامع. كان لقاء جميلا شعرت من خلاله بالتواصل الفكري مع الأخوات الشاعرات وذلك بفضل ما بذلته الشاعرة المبدعة والموثقة المغربية فاطمة بوهراكة من جهد، ليكون تنسيق هذا العمل مباركا بمساعدة المبدعتين: الشاعرة المبدعة دليلة حياوي والإعلامية الراقية سهام فاضلي، فجاء تعاونهن مكللا بالجد لإنجاح الأمسية لتكون شاهدا على انتصار الشعر وعلى أهمية التواصل والتفاعل والتلاقي في زمن سلطة الكورونا المستبدة الممعنة في فرض هيبتها على سكان هذه الأرض، لتعلن انتصار فيروس صغير لا يُرى بالعين على ترسانات الأسلحة المدمرة». فهل سيكون المستقبل معافى من أسلحة الدمار ليحلّ مكانها روح التعاون بين الإنسان وأخيه الإنسان الى أَي أرض انتمى، فتبقى الكلمة الحرة السلاح الوحيد الذي يحرر الشعر من التبعية والاستسلام والانبطاح وبالشعر الصادق المبدع يتحرر الإنسان؟؟
مع مديرة «إذاعة رميم» أجرينا هذا الحوار:
{ بعيون إعلامية حدّثينا عن أمسية الرائدات في مجال الشعر العربي؟
- ان كان لجائحة كورونا قد علّمتنا شيئا فهو حرصنا على لمّ شتات أهل الكلمة استثمارا فيما تتيحه لنا التكنولوجيا ولذلك لم أتردد لحظة عندما اتصلت بي الأستاذة فاطمة بوهراكة، طالبة مني الشراكة الإعلامية لإذاعتنا الدولية المتعددة الثقافات «رميم».
{ كيف جاءت فكرة احتضان إذاعة «رميم» لهذه الأمسية الشعرية؟
- جاءت الفكرة اعتمادا على تجربة «صالون أرقانة» من روما بإيطاليا الذي تديره دليلة حياوي وبحرص وتنسيق من إمرة التوثيق الشعري فاطمة بوهراكة، فما كان من «إذاعة رميم» سوى أن ترحّب بهذه الفكرة التي تبنيناها كإذاعة إيمانا منا بحاجة الإنسان في كل مكان وليس في الوطن العربي فقط الى سماعهم الى الشعر الذي يبدو أن التزام العالم بالمكوث في البيت قد أعطى الشعر هذا الهمس الخالد، ولذلك لم تبخل «إذاعة رميم» باقتراح اسم تنكّر له المشهد العربي الثقافي لسنين عديدة كإسم الشاعرة الكبيرة التي يفخر بها الغرب رشيدة محمّدي.
{ الى أي مدى ساهم الإعلام العربي المغترب في نفس الثقافة العربية للجاليات في الضفة الأخرى؟
- يمكنني أن أتحدث عن «إذاعة رميم» بحكم أنني مديرتها، تعتبر هذه الإذاعة صوتا متعدد اللغات فهي تبث برامجها باللغات الفرنسية، العربية، الاسبانية وقريبا بالإنجليزية حيث تؤمن «إذاعة رميم» بأن هذا التنوّع في اللغات والبرامج هو المسؤول على إيصال الرسالة الثقافية في تجانس إنساني يعرّف الجاليات على بعضها البعض ويسهل مبدأ السلام والتعايش من خلال الحديث على كل ثقافة والإعتماد على القواسم المشتركة بينها وبين باقي اللغات، ففي النهاية كل الشعوب ترقص وتغني وتفكر وتكتب وتستعمل نفس الآلات الموسيقية غير أنها تعزف ألحانا مختلفة.
{ التزمتم بالجانب التقني الإعلامي لأمسية الرائدات، فهل كانت تحضيراتها مختلفة عن بقية برامج رميم الثقافية؟
- سنبقى جميعا بحاجة الى اللجوء الى معرفة تقنيات التواصل الحديثة يوما بيوم، إذ أنني الى يومنا هذا أدرس لأطوّر من قدرتي على إستيعاب ما يتطلبه العصر لضمان تواصل إعلامي جدّي ومعاصر يواكب التكنولوجيات الحديثة أنا وفريق «رميم»، وعليه فان 24 ساعة فقط كانت حظنا لكي نستجمع فكرة جمع الرائدات الشاعرات والتنسيق مع صاحبات الفكرة (فاطمة بوهراكة ودليلة حياوي) بالاشتغال دون هوادة بالتزام كل واحدة منا ضمن اختصاصها لتحقيق هذا اللقاء وجعله ممكنا.
{ ما هي شروط نجاح عمل ثقافي عربي رغم اختلاف أمكنة منظمة جغرافيا؟
- إن الشرط الأساسي لإنجاح أي عمل ثقافي هو الإيمان بما يمكن للثقافة من مفهوم فكري إنساني بمبتغاه النقي الهادف للسلام والخير ولرفع مستوى إلتقاء الثقافات على مفهوم سطحية الفلكلور.
إن الثقافة بتبنّيها أدوات التواصل الاجتماعي واستغلالها لشروط حضارة الفكر بصراحة لم يعد لها مكانا جغرافيا، فمن بوردو/ فرنسا احتضنت «إذاعة رميم» أسماء من نيويورك الى البحرين الى المغرب الى قطر الى لبنان الى روما الى السودان الى موريتانيا الى إسبانيا الى فلسطين الى الأردن الى السعودية الى الجزائر.
في النهاية لا يفوتني أن أشكر جريدة «اللواء» اللبنانية على فضل اهتمامها بإذاعة «رميم» فلكم مني أنا سهام فاضلي خالص المحبة وجزيل الشكر.