يبلغ التجسيد البصري مرحلة خلق المشهد الحسي الذي يشدد عليه الفنان «أمين الباشا» وبتنوع تتسق من خلاله علاقات الخطوط بالاشكال والتغيرات المرتبطة بالمضمون المجرد من ذاتية الالوان، اذ تبلغ الايحاءات الديالكتيكية مبلغ الحوارات البصرية الصامتة المستفزة لعناصر الخيال وتبلوراتها التي تضفي التفرد والتميز على الموضوعات او المضمون الذي يتخذ من الشكل محورا له. محولا الصياغات الضوئية الى موسيقى لونية يجتهد في جعلها متناغمة مع الخطوط، كأنما ينظم ايقاعات الطبيعة وجمالياتها مع الوجود برمته. لتصطبغ لوحاته بقوة العلاقات بين الاشكال والترابط المضموني مع الفكرة التي ينطلق منها «أمين الباشا» وكأنه يؤلف قطعة موسيقية متماسكة بتعبير بصري قلق احيانا، ومتوتر احيانا اخرى ومستقر وساكن في حركاته في طابع يتميز بالمهارة والدقة والحس الديناميكي، والحيوي دون مباشرة. اذ تمهد التلقائية في اسلوبه لامتلاءات الخطوط والاشكال، المستوحاة من الكثافة والفراغ وبنسبية يوزعها. لتصدح الالوان كالبلابل التي تغرد.
موحيات كثيرة تشكل في جوهرها لب المضمون الذي يلغزه الفنان «امين الباشا» وبلغة فنية استحدثها في سبيل استكشاف قيمة الشكل الظاهر والباطن متلاعبا بقيمة المساحة والتوزيع اللوني. ليتوافق مع الفراغات الضوئية ودرجات كل لون. اذ تقترن اللغة التشكيلية المتنوعة في اعمال الباشا مع المشاعر والانفعالات، والتعبير القادر على اثارة الحوارات البصرية العميقة مع العناصر التشكيلية التي يترجمها بتكثيف الخصائص الموازية حسيا للخطوط والضوء والالوان. لنقل المشهد بتقنية ايجابية الى الشعور التذوقي عند المتلقي، وكأنه يسمع قطعة موسيقية او يقرأ النص الادبي المتسم ببلاغة الصياغة والتكوين.
ترتكز حوارات الاشكال في لوحات « امين الباشا» على تصورات بصرية متماسكة ذات سمات واعية تتوالف فيها الايقاعات الساخنة ضمن المساحة الواحدة، محققا درجات جمالية عالية فنيا بالتوازن بين الالوان الحارة والباردة، وان ضمن فروقات تتصف بالرشاقة وانعكاسا ت علاقة ذلك على الملامح وتعقيدات الخطوط، وبساطة الشكل الذي يكتشفه البصر كوحدات تتنامى فيها التعبيرات والتأثيرات التي تطغى على البنية الفنية للوحة، ان من حيث تقسيمات الخطوط المتعارضة والمتوافقة والمنطق الفني المدرك لقيمة تكوين، يمتزج فيه كل العناصر التي شحذها في سبيل خلق المشهد في مساحات تتميز بالاداء الفطري والتلقائي واخرى المحنك والمنظم لينصهر البصر بتفاصيل اللوحة.
أعمال الفنان «أمين الباشا» (Amine El Bacha) في «قصر سرسق» (Sursock Museum).ويستمر حتى 12 آذار 2018.