تكشف لوحات الفنان «جوزيف فالوغي» (Joseph Faloughi) عن أشكال لطيفة منسجمة مع تجاذب الألوان وموسيقاها، لفهم المعنى واستكشاف التناقض من مكوّنات ذات اتجاهات اختارها لتلعب الإنعكاسات دورها في تكوين القيم الجمالية مع الإحتفاظ بالغموض المستوحى من ثنائية الانعكاسات والنوافذ، والتأمّلات التي تفرضها الريشة التجريدية وإيحاءاتها المستبطنة دراماتيكياً، محتفظا بأهمية فهم التناقضات واستكشافها بصرياً، والتي ترمز إلى الزمان والمكان والغياب والحضور بشكل مجازي هو جملة من الإيقاعات والألوان التي تتماهى في مساحات حرّرها من الضوء ضمن جاذبية الفواتح والغوامق، وما يتولّد عنهما من تجديد يحتضن الفراغات أو الأشكال والدلالات والإحتمالات التي تحفظ قيمة كل شكل ومكانه في اللوحة، ليثير دهشة بصرية ذات تعابير تجمع ممارسات ريشة تتجه مع الضوء بحساسية التدرّجات، وماورائية المعنى الممتص لهالات التجريد ومعانيها دون مباشرة في التشابيه بين اللطشات ذات السماكة اللونية، ليخلق من التوهجات رؤية تجريدية إدراكية تمثل الزمان والمكان وغموض التصوّرات المقترنة بالتطوّرات الوجودية ومصادرها، وضمن المنظور الحاضر الغائب أو بصمة الإنسان في الحياة رغم الألوان المختلفة. فهل من ثنائيات بين التجريد والتعبير وملامسة الغموض في اللوحة؟
تستفزُّ أعمال الفنان «جوزيف فالوغي» البصر فتسهم في إضافة عنصر الجذب إلى اللوحات المختلفة في تطلّعاتها وأشكالها الإستفزازية للحس الفني وجمالية الخصائص اللونية المتناقضة، لاستخلاص التحليلات التي ينبغي أن تقترب من الرؤية الخاصة به حول الأشياء ووجودها، ضمن الزمان والمكان، والاختزال الحقيقي للضوء الذي يجذب الأشكال إليه، ربما لا تستطيع العين إلتقاطه، وإنما يستقر في الحواس التي تنجذب نحو معرفة المعنى، في لوحات تستقطب الأفكار أو الانعكاسات المرئية المدعمة بنظريات يثبتها «جوزيف فالوغي» ليعطي المحتوى أو المضمون حكمة فنية احتمالية تتطلب دقة في الاتجاهات والانعكاسات، ضمن مؤثرات السماكة والشفافية، لخلق تضاد بينهما، وأيضا لتوضيح البُعد الزمني وآثاره على بصمات الألوان التي يتركها الإنسان، لتترجم وجوده فيما بعد. فهل تحاول أشكال «جوزيف فالوغي» اللونية السباحة في فضاءات الأمكنة ضمن اللوحة ليثري مخيّلة المتلقّي ويمنحها الغموض والجمال؟
يترك فالوغي بصمته على اللوحة لتحفيز الاستكشافات من خلال الحركة للضوء بين الفواتح والغوامق، لتمييز الشفافية والسماكة اللونية ضمن المتغيّرات البصرية الميّالة إلى إثارة البصر، ودفعه نحو البحث عن الانضباط الذي تفرضه الريشة على عشوائيات تجريدية تتجه نحو نفسها، مما يثير الكثير من التصوّرات عند التأمّل في العمق، لتنبثق الأفكار من الايماءات وانصهارها في تقنية ديناميكية بعيداً عن التقاليد الروتينية، وفق أصالة الأسلوب الذي يتمسّك بالرؤية وطبيعتها الفنية، والتي تنتمي الى التجريد بمختلف اتجاهاته الملتزمة بفوضويات العصر، ولكن ضمن نظم الريشة ومشاهداتها وإيقاعاتها ذات النضارة والحيوية والإيقاع في لوحة هي الألوان في الزمان والمكان والحضور والغياب، والحركة الضوئية التي توسّع الاحساس بارتجال غريزي يمنحه اللون لفالوغي الملتزم ببناء اللوحة التجريدية وقدرتها على استقطاب الحواس.
يقدّم لنا الفنان «جوزيف فالوغي» في هذا المعرض التجريد الذي يرتبط بالمفهوم الفعلي لخصائص الشكل وأهميته من خلال التركيز على لطشات الألوان واتجاهاتها لتنشيط الذهن، وحثّه على الاستكشاف بمعزل عن الوضوح تاركا للخصائص الأخرى من غموض وسواه خلق المقارنات ضمن نوع معين من المستطيلات والخطوط المائلة والمنحنية وغيرها، والتي بدورها يمكنها إعادة إنتاج أخرى للشكل وتطوّره، كنوع من إلتقاط الواقع المتعارض مع الفن التجريدي. فهل يحاول منح الشكل الكثير من المشاعر من خلال الألوان والأشكال اللانهائية؟
أعمال الفنان «جوزيف فالوغي» (Joseph Faloughi) في غاليري «إكزود» (Equipe Exode) ويستمر لغاية الخميس ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩.