بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 شباط 2019 12:01ص معرض الفنان دايفيد داوود التخيّل الواعي في الفن

حجم الخط
يجمع الفنان «دايفيد داوود» (DAVID DAOUD) بين العديد من الميزات الفنية بعيداً عن التقاليد الكلاسيكية المرتبطة باللوحة التعبيرية الرومانسية وشخصية الإنسان المزدوجة او بالأحرى التخيل الواعي في الفن وانطباعاته الموسومة بالقدرة على طمس التفاصيل واظهار الخطوط الـتأملية فيه. ليكون بمثابة قصة مفتوحة على تأملات بصرية ذات ايقاعات لونية مختلفة في تدرجاتها القوية العالية والمنخفضة. اذ يستخلص داوود من وهمية الأشياء وجودها البصري  وبتناغم بين الأشكال والالوان والمعنى والمساحة. لتبدو التفاصيل الفنية حساسة جماليا متحديا النسب ببساطة الوحدات التي يتخذ منها توليفات متناغمة مع بعضها البعض ومحبوكة بخصوصية ريشة تميل الى العزلة، وان بدت لوحاته تعج بالشخوص او الخطوط او الموضوعات والمعاني حيث تؤدي الاشكال تمثيلات تساهم في اظهار التماسك البصري الهادف الى فتح المساحة البصرية على مداها. ليظهر البناء الحقيقي للوحة من خلال الأشكال التي تقترن بمزج اللون عبر تشكيلات تشكل كل منها معنى منفرد وفق نهج التظليل الضوئي الذي يعتمده «دايفيد داوود» في لوحاته الميالة لاظهار الإنسانية وعمقها الرومانسي وان تشتت او تقطع اللون احيانا بمعنى التشتت الذي يصاحبه جذب البصر والرحيل به نحو المعنى الإنساني لقصة البشرية وجمالياتها في الفن. 
تمثل لوحات الفنان «دايفيد داوود» تناقضات الإنسان والطبيعة التي تشكل نوعا من الإشكالية في تطلعاتها نحو الرومانسية والجمال والتعبيرية ذات الحركة المدفوعة بتأملات تصاحبها اندفاعات الالوان وتأثيراتها على الفراغات او الفواصل العاصفة بانفعالات هادئة ومرنة تطغى كل منها على الأشكال.   مما يمنحها رومانسية عاصفة بالحركة، ان بالخطوط او الالوان والضوء والظل او بالسماكة والشفافية في الالوان الممزوجة بالضوء. مما يسمح للريشة بتشييد طبيعة خاصة به بمعنى بصمة فنية ممهورة بالشعور بالحرية والانطلاق نحو الازمنة او بالاحرى متخذا من الماضي والانطباعات الفنية مواضيعا خرجت من تعبيرات افلتها وفق الرومانسية ومنهجها التعبيري. ليمسك بالمشهد البصري معتمدا على الفكرة التي انطلق منها متأملا المرأة او الشجرة او الثوب او الحصان وبخربشات تربط ازمنة جمعها في مكان مجازي واحد هو مساحة اللوحة وملامح الالوان القاتمة مع الابيض او الازرق وغير ذلك من الرقوش المرصعة بحركية الألوان المختلفة وقسماتها الموزعة بنسب مدروسة، وان بدت عفوية الا انها استثنائية في تماسكها وانضباطها الذي يعكس قيمة الفكرة وظلالها الفنية. فهل يلهب الفنان «دايفيد داوود» الحنين لمغترب ضاق به المكان فانفلت عبر الزمن ليعود مكتحلا بالادراك الانساني للوجود وقيمة الجمال؟
تأويلات لخربشات هي ابعد من دلالات التشكيل، لانها مخضبة بالافكار الانسانية،  وان برزت معاني السفر او الهجرة. الا ان للامكنة اسسها في لوحاته المرتبط بخيط الزمن او الخطوط الرفيعة والدقيقة في بعض اللوحات المتسعة بصريا والمبطنة بشموخ قسمات تناغمت ايقاعيا مع الطبيعة او الخلفية ورؤيوية الزهو اللوني المترع بشجرة او امرأة او ضبابية حكاية  تتوهج في خطوطها حكاية الإنسان وتطوره عبر الزمن، وبهفهفة لاجساد او مقاطع بصرية اشبه بنوتات تتدفق منها جمالية تشكيلية رشيقة الاحاسيس، وبعضها كالمفردات التي تمثل الجزء المهم من المعاني الشاعرية، وبنيويتها الموشاة بابهى التفاصيل. مما يجعل من لوحاته قطع تعبيرية لرومانسيات الألوان وخاصيتها في منح الصياغة التشكيلية صفة فلسفية تأملية تشبه التشكيل الإيقاعي لقصيدة خرجت من مخيلة فنان وريشة خلاقة. فهل تمثل لوحات الفنان دايفيد داوود مزامير داودية لملاحم يسطرها تخيليا بتعبير رومانسي ذي شيق لوني الهبته الريشة ومناخاتها المضمخة باللاوعي الجمالي؟ 
معرض الفنان «دايفيد داوود»(DAVID DAOUD) في غاليري «شريف تابت»( GALERIE CHERIFF TABET)
برج حمود