بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آذار 2018 12:05ص معرض الفنان سيروان باران الواقع العربي ومؤثراته

حجم الخط
تتدفق التساؤلات من لوحات الفنان «سيروان باران»(Serwan Baran) عبر تحريض نفسي تثيرها الاشكال المرسومة بفلسفة وحشية مدارها البشرية بأكملها،  وعبر اكتشافات المدارك الحسية  في فن تميز بعلامات استفهام مشحونة بتعبير عن مخاوف الإنسانية بين الوجود واللاوجود، والصراعات القائمة على المادة.  لهذا  نجد في لوحاته الكثير من التفاصيل عن الكتلة البشرية تحديدا، والانسانية في تفاصيل اخرى منها القبح والبشاعة، والوحشية مقتفيا الاثر الناتج عن الحروب بشكل عام او حتى تلك الصراعات الي تنتج عنها ضحايا انسانية موشومة بمدرسة فنية وحشية، وان خرج عنها قليلا او التزم بها كثيراً. الا انه يكشف عن الوجه الاخر للفن، وهو اختزال الهموم الحياتية في لوحة تترجم ماهية الكائنات القابعة في اجساد مادية. ليبقي على روحية اللون وجماليته، ليعكس مفارقات الكائنات بين الداخل والخارج او بين المحسوس والملموس، وبشكل افضل بين كل ما يستعصي على الوصف البصري. او كل ما من شأنه أن يدفع بالمعنى الفني الوحشي نحو الاحساس غير المقبول بالمتناقضات المثيرة للمخاوف، ودلالاتها القوية بالمأساة التي تقع اثر صراعات تطيح بجمالية الوجود، وتضعنا بشكل مباشر اما حيوانية او غرائزية او بشرية تطورت من بداية الخلق حتى الان. الا انها ما زالت بحاجة للانسانية والخروج عن بشرية ذات وحشية عرفها الانسان منذ بداية الخلق او انسان الكهوف ،كضرب من الرغبة في البقاء  دون اختلاطات في المفاهيم الجمالية للفن الذي يضعه «سيروان باران» في مساحات تضاعف الاحساس بالتآلف من هموم االانسانية،   وصراعاتها اللامتناهية  التي تتبلور وتتجدد، وتبقى كلوحات فنية تعاصر فظاظة الشرور، وما ينتج عنها من مشاهد تتجمد لها المضامين التي تنتفض مع الالوان،   وتثري الخطوط بامتدادات واقعية تعبيرية يحاكي بها الانتفاضة على الوحشية او بمعنى اخر الواقع العربي ومؤثراته على ريشة «سيروان باران» بشكل خاص وبما انه ابن العراق. 
تصادم، تناحر، تضارب، تلاقي، تلاشي، تلاحم التقاء او انفصال! كلها مفردات لاشتقاقات ضبابية تتضح من خلالها ذئبية الحياة، وما ينتج عنها من بشاعة او جمال او من احداث لولادات بعد مخاضات في لوحات تشكل كل منها الحياة بوجه مختلف، والفلسفة الفنية ذات الصخب الهادف الى خلق رؤية هي انتقاد للانسانية التي تجعل من القبيح جميلا او بالعكس. ضمن مزيج من ميول فنية وانسانية او مؤثرات مختلفة  تشير الى تماسك محكم في المفاهيم التشكيلية التي ينطلق منها «سيروان باران» انسانيا وبصياغة قوية لافكار تنسجم مع الالوان عبر المخاوف البارزة في تفاصيل لوحاته وعناصرها الجمالية،  القابلة لخلق معايير ذاتية  هي بصمة خاصة ذات صلة بالعراق والعالم، وبتبسيط لواقع في لوحة هي توسيع لحدود الرؤية الضيقة، وفتحها على عدة اتجاهات. لتكون بمثابة البؤرة الواقعية لحركة رفضت الاشكال التقليدية وانتفضت على الفن،  وان خرجت منه دون فوضوية ربما تقاربت معها. 
يدمج «سيروان باران» الحياة باللوحة، ويمنحها الوجود الذاتي والموضوعي متنقلا بين العناصر بثقة، وادراك لحيثية ما يرسمه او ما يستبطنه من حركة درامية هي ادراك حسي للحدث او للخوف وتحولاته عبر الالوان نفسيا، وبعلامات تشكيلية تلتقي ضمن نقطة واحدة، كازدواجية او ثنائية تتحطم عندها المفاهيم التعبيرية للاشكال التقليدية، كتمثيل للوعي الذاتي الذي ينطلق منها «سيروان باران» ان باللون او الحركة او الشكل او الكتلة او التشظيات، وحتى مفهوم الحياة بشكل متناظر او ثنائي او مؤثرات الانسان على الوجود، وبالعكس دون تصنيف، وانما بتوزيع منطقي تميز بالقلق او الشعور بالخوف او بالتدثر بالبقاء الوحشي بعد الحروب التي يخوضها الانسان، ويخرج منها كالالوان الممزقة او بانهيارات وعدم استقرار عاطفي او بتهميش لدور الانسان الفعال بين الجماعة التي خرج منها منهكا بعد ان امتزج مع الالوان كلها، وحافظ على وجوده الانساني بالالتحام مع الكتلة التي تتميز بها اعمال «سيروان باران»  بشكل عام.
تكتنف لوحات الفنان «سيروان باران»  نزعة شعورية ترمز الى المفعول الروحي بالرسم، والقدرة على استخراج المكنون الفني من الذات نحو عالم اللاشعور او الحقيقة المتقاربة مع توجهات الانسانية.  لاظهار المعاني الجمالية التي تتعلق برسالات الفن التشكيلي وفلسفاته الانسانية والوجودية معا او بالاحرى الروافد المتعلقة بتموجات الذهن وهواجسه من الوقائع او المشاهد الحية التي يلقاها كصدمات نفسية تؤثر على انطباعاته في الادب والجمال والفن وضمن عالم اللوحة المسبوكة باكتشافات بصرية تشريحية، لفهم كيفية تجسيد الرؤية الحسية وتحويلها الى قواعد فنية ذات منظور  نتعامل معها بدمج ذي جذور بصرية تحليلية تتبع الثقافة التي يتحلى بها الفنان، ليعالج لوحته بثراء فكري فني بصري  يتصل بالانسان والانسانية وهمومه في الحياة، وكل ما يثيره في محيط يؤثر ويتأثر فيه. فهل اللوحة في اعمال «سيروان باران»  هي حقيقة العالم الذي نعيش فيه؟
أعمال الفنان «سيروان باران»(Serwan Baran) في غاليري أجيال (Galerie Agial) ويستمر حتى 7 نيسان 2018.


dohamol@hotmail.com