بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تشرين الأول 2018 12:04ص معرض الفنانة تغريد دارغوث الأوجاع الإنسانية في لوحة تعكس جمالية تعبيرية

حجم الخط
 تهيمن التعبيرية الجديدة على لوحات الفنانة «تغريد دارغوث» (Tagreed Darghouth) بتناقض مهيب بين التآكل الانساني والامتداد الطبيعي لشجرة معمرة تكاد جذوعها تتفتق،  وبتقاطع بين القبح والجمال، وبخصائص مشتركة تجمعها بمشاعر حسية تتقد مع الالوان العاطفية المعتمدة على الضوء بنسب مؤثرة على البصر، ضمن التزام فني تقوده اوركستراليا في لوحاتها التي تعيدنا الى الحرب والسلم ، والحزن والفرح والمزج النفسي المتذبذب بين تمجيد الجذور والالتصاق بالارض،  وبين رفض الهيمنة التي تزيف الحقائق، كالطائرات بأشكالها وهي ترسمها مع الأنسان العائد الى هيكله الأخير قبل الفناء،  بتلقائية لونية تشد من أزرها بالتفاصيل الصارخة او برعشة الاسلوب الذي تعتمده. اذ تضع المتلقي  في دائرة القبح والجمال بحيث يلتصق على الارض امام اللوحة، ليتساءل كيف نرسم الاوجاع الانسانية في لوحة تعكس جمالية تعبيرية تقودها الى الملهاة الانسانية او الملاحم؟  وبتطور تدعمه «تغريد دارغوث» بمقومات فنية تعود الى اسلوب التعبيرية الجديدة التي كانت سائدة في اواخر السبعينات قبل ان تتطور في الثمانينيات مع اكثر من فنان اميركي. فهل تحدث لوحات «تغريد دارغوث» اوجاعا فلسطينية لشجرة تلتف على نفسها مع الزمن ، وتجعلها متلاحمة مع الارض والسماء كتلاحم اهل فلسطين مع ارضهم ؟
تتقاطع لوحات الفنانة «تغريد دارغوث» بين الشجرة والطائرة والانسان او بالاحرى تقاطع البشرية بشكل عام بين العصر الحديث والعودة الى الطبيعة المحتفظة بجمالياتها رغم التآكل الانساني الذي تجسده بالجمجمة، فشجرة الزيتون الملتفة تفضح السنين التي مرت على الانسان، كلغز البقاء والعدم والتشويه البشري للطبيعة او بالاحرى الوحشية البشرية ومنعطفاتها في الفن التشكيلي او في التعبيرية الجديدة التي تتبناها «تغريد دارغوث» في رسوماتها الناطقة بالملهاة او الإكتشاف البصري المحاكي للانسان من خلال وضعه أمام التعبير الفني، ومقارناته المدروسة تشكيليا او امام الصيغ الحسية المحشوة في الالوان التي تشير الى موضوع البشرية وتشكلاتها الفنية في لوحة تجتمع فيها الأساليب التقنية،  كما تجتمع فيها الاحاسيس والعاطفة،  والتوازن بين التعبير والفلسفة وقوة ادراك المعنى الفني. عبر هذا النوع من الفن المؤثر والمحفز لاكتشاف الاخطاء الانسانية في الحياة الجديدة او المعاصرة عبر الطائرات التي رسمتها «تغريد دارغوث»  في ثلاثية كمهزلة العصر الحديث او عصر الطائرات والحروب والموت الانساني في كل شىء الا الطبيعة التي تتوجع مع ذاتها من خلال شجرة قوية ترمز للبقاء.
ألوان زاهية وضربات سريعة، كانها ريشة غاضبة تحدد رؤيتها من الأزمات المؤثرة بصريا على جوهر الموضوع الفني الذي اختارته «تغريد دارغوث» ببعد فلسفي يتجسد من خلال مفهوم التعبيرية الجديدة بانتفاضات متكررة في الالوان والتفاصيل، والانواع التي اختارتها في لوحاتها الملونة،  وبتصويرية تعبيرية تجسد قسوة الحياة وسخافة الاختراعات الحديثة من طائرات حربية وسواها والعودة الى الاصل الطبيعي او تجاوز السخف البشري نحو الجمالية الانسانية من خلال الفن وتطلعاته المترجمة  لاسس اللغة البصرية وخصوصياتها التقنية، وبخطى تشكيلية الزامية لم تنفصل عن الرموز القوية كالشجرة والطائرة والجمجمة مثيرة بذلك ايحاءات متعددة، وبالوان براقة التي تنفرج وتكفهر وما بين الفاتح والداكن. لتخلق نوعا من اللغة المقاومة للفناء او بالاحرى التي تمارس فن تشكيل الأحاسيس التي تعيد للانسان ماهيته في ظل الحروب المستمرة والاوجاع الانسانية  فهل تحاول تغريد دارغوث مواجهة الكوارث الانسانية بتصوير البشرية عبر هذا الفن القديم الجديد؟ 
  معرض الفنانة «تغريد دارغوث» (Tagreed Darghouth) في «غاليري صالح بركات» (Saleh Barakat) ويستمر حتى 27 تشرين الاول 2018.