تتنامى الصيغ اللونية في معرض الفنانة «رينيه فواز» (Renée Fawaz) الذي يُقام في «غاليري اكزود» وفق حيثيات تشكيلية لا نهائية تنضوي على تقنيات فاعلة في ابراز شاعرية الالوان وتناغمها السلس، كقصائد موزونة لها ايقاعات بصرية لا تخلو من حس دلالي يتيح للمتلقي التفاعل مع الوانها الغارقة بحيوية تتجاوز الحقيقة الجمالية، والانعتاق من المنظومات اللونية الثابتة والاتجاه بها نحو الحركة والتضاد اللوني، وبتسلسل جذاب يوحي بالدينامية الحركية، بعفوية الريشة المغموسة بالايقاعات الحسية المتناسقة التي تكشف عن تطويع الريشة العاطفية، لخلق تشكيلات تنم عن جوهر المشاعر الجمالية النابعة من اختيارات الالوان التي تطغى على الاخرى، فالالوان في لوحات «رينيه فواز» موسيقى مجردة تجعل المتلقي يترقب الانفعالات الناتجة عن ترددات كل لون، كنغمات الة وترية تنبثق نغماتها من الحركة وايحاءاتها الطبيعية عبر الكثير من الاساليب في المزج وخلق الاشكال والتلاعب بالمستويات التركيبية في الالوان المنصهرة مع الرؤية والايقاع.
تعتمد لوحات الفنانة «رينيه فواز» على الحس اللوني ونغماته المحاكية للوجدان، وقدرة المتلقي على استكشاف اغوار ما هية اللون والشكل وما ورائيته، لاستخراج نبراته الفاتحة والداكنة التي تثير البصر، وتدعم القوام الجمالي في اللوحة المؤدية دورها الجمالي في خلق محاكاة ثلاثية. تجعل المتلقي توّاقاً إلى التأمل والتفكر في حركة كل لون موسيقي يحمل نفحة تجريدية تحدث عدة تغيرات بصرية معاصرة. تساعد في تحديث النظرة التجريدية في لوحات عفوية تكثف اللون، وتزيد من الفواتح وتمنح للغوامق نسبها المحدّدة، كي تتحكّم بالشكل الايقاعي الغني بالغموض الذي يكشف عن نغمة الخطوط والالوان، والفراغات كنوتات تعزفها ريشة وجدانية تميل الى التقاطع واللانهائية الكونية المغلفة بكينونة اللون واشراقات الضوء مع ابراز الوحدات المؤطرة بتخيلات صاغتها من خلال شحن طبقات الالوان بالابيض، وبخصوصية الشكل المجرد والمستوحى من نبض الطبيعة الزاخرة بالحياة.
تتنفس الالوان في فضاءات اللوحة المتجانسة بمعادلات تشاكس بعضها البعض، لتسترشد بالمقطوعات اللونية، وتكمل مسيرة ريشة تبحث عن ذاتها في كونية الالوان وانضباطها الفني، المتآزر مع العناصر التشكيلية، فتتوحّد الرؤية وتنصهر مع كينونة التجريد الذي تبسطه الفنانة «رينيه فواز» على خامة اللون وطبقاته التي تضيق وتتسع مع الفراغات والمعاني الجمالية المزدانة بالايقاعات. لتحقيق التوازن بين الاشكال والالوان والتباين، حيث تتكامل في اللوحة لعبة الفواتح والغوامق، والتوازن مع الظل والضوء في تمايز تجريدي يلامس الواقع في فضاءاته الشاعرية المتخيلة، والغريبة في تصورات الالوان الممتدة والمتشابكة بصريا للاقتران بالفراغات تبعا لوضعيات تلاعبها ريشة وفق مستويات اللاوعي الذي يبرز قيمة الغموض في تجريد وضعته بين الايقاع والرؤية.
لا تنفصل الطبيعة عن الوان الفنانة «رينيه فواز» وبمشاعر اللون المتلاحم مع الالوان الاخرى، بتقنية تستند في معظمها على الضوء وموسيقية الخط اللوني، لتبرز اهتزازات تراكيبه المحفزة لاستخراج التصورات الشبيهة بحكايات الطبيعة وتماسك فصولها، ما يعطي لوحاتها انطباعات فوضوية رغم النظم اللونية التي تكشف عن متغيرات نفسية اثناء الرسم او اثناء مزج الالوان التي تمتص الطاقة الجمالية من لمسات الكثافة والشفافية، والحالة العاطفية بتناقضاتها الناتجة عن طمس الشكل وتجريده، ومنحه مقاساتها الخاصة، ليكون ضمن ذاتية الريشة وتوليفاتها بين الاشكال الطويلة والقصيرة والمستطيلات والدوائر، وحتى الخطوط والاشكال الدقيقة التي تشكل جزئيات تغمرها بحيوية الحياة. لتعيد لها رونق وجودها المتوائم بين الانسان والطبيعة في لغة التجريد وهوية العقل، والعاطفة بين متاهات الالوان الباردة والحارة والتأرجح بين الصفاء والتوتر او بين الحزن والفرح والاحساس بالجمال.
معرض الفنانة «رينيه فواز» (Renée Fawaz) في غاليري اكزود (Equipe Exode) ويستمر حتى 11 تشرين الاول 2017.