المراقب والمتابع لما يجري على أرض ساحة الإبداع على أنواعه، يستوقفه الهبوط السائد واستسهال وسائل الإعلام المختلفة الترويج لبعض الأعمال التي لا تستوفي أدنى شروط القيم الفنية والأدبية والثقافية المعروفة.. والسؤال الذي نطرحه، من المسؤول عن هذه الظاهرة الفريدة في بعض وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، التي تؤشر الى زمن انحطاط عرفناه ورفضناه، وتاريخنا يشهد بذلك، ويلفتنا في هذا المجال ان البعض أجاز لنفسه حرية ليست من الحرية الحقّة في شيء ولا تستوفي الحدّ الأدنى من الذوق، ولا من أي قيمة من قيّم الجمال والإبداع.. ولكن على ما يبدو هناك من يستهدف عن سابق تصوّر وتصميم عدّة أمور أهمها: الذوق الفنّي والأصالة والجمال.. وترويج أنواع من التفاهة لا يقبلها الإحساس الإنساني والمشاعر المرهفة، ولنأخذ مثال على ذلك كلمات بعض الأغنيات (الهابطة والساقطة) في رأي كل من ملك الحسّ الطبيعي والوعي والفهم والإدراك الموضوعي والمنطقي، والمشكلة هنا، ان الجيل الجديد حين يسمع كلمات هذه الأغاني يعتقد أنها الى جانب بعض القصائد! هي السمو والإبداع!! هذا الى جانب ما نشاهده من مسلسلات معرّبة ذكرتنا بتلك المكسيكية التي انطفأت وخبا نورها بعد سلسلة من الحملات الإعلامية الملتزمة التي رفضت الأفكار التي تبثّها والتي تناقض عاداتنا وتقاليدنا.. هذا الى جانب الترهات التي نقرأها ونسمعها.. وبالطبع هذا الرفض نابع من الإيمان بقيم الحق والخير والجمال.. الجمال الذي حين نراه أو نسمعه أو نقرأه، نشعر بهزّة في كياننا، يُغرينا ويدغدغ حواسنا التزوّقية، فنتبعه في شغف، نردّده في شغف، لأنه يتناول عالمنا، عالم البشر بغضّ النظر عن الجنس واللغة واللون، ولأنه يشرح حال الإنسان في انطلاقات تفكيره وإحساسات شعوره وعواطفه، في آلامه وآماله، في تطلّعاته الى العالم الآخر ومشاكله الاجتماعية والى كل ما يجول في خاطره وقلبه وأحلامه..