بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2018 12:00ص من يوقف يوسف زيدان عند حدّه..بعدما تجرّأ على الدين والتاريخ والأدب

حجم الخط
لم نتدخل يوماً في رأي أطلقه كاتب محترم، حتى لو خالفنا في وجهة النظر، لكن بعض النرجسيين من سادة القلم والفكر ينسون أنهم على الأرض ويحلقون في عوالم وهمية لا علاقة لها بالواقع، ويمطروننا بآراء ومعلومات تبدو المعرفة وكأنها نزلت عليهم وحدهم من دون الآخرين، ويقولون ما يُجافي الحقيقة التاريخية والمنطق القياسي الخاص بما هو منشور ومثبت في مرجعيات محسومة، لكن القول المناقض لا أحد يمنعه أو يدينه أو يتحرك لوقفه منعاً لحرف الثوابت عن كونها جزءاً من صورة العرب في الواقع لا في المتخيّل.
الكاتب المصري «يوسف زيدان» يدأب منذ سنوات قليلة على دعم إصداراته الجديدة بمواقف يطلقها عبر الفضائيات التي تتسابق لرصد ما يقوله عكس الكتب والمراجع التاريخية والدينية عن رموز تاريخية، على أساس يبدو معه وكأنه إكتشف البارود، إنه يروي الكثير من الحوادث ويؤكد على طريقته أنها صحيحة، بما يجعل البطل «صلاح الدين الأيوبي» كذبة تاريخية، والقول إنه لم يحرر القدس التي يعتبرها غير موجودة أصلاً، وأن اليهود أحق بتلك الأرض من أهلها الفلسطينيين، وأن المسجد الأقصى الموجود حالياً ليس هو المسجد الأقصى الحقيقي، وصولاً إلى التشكيك في وطنية الشاعر الكبير الراحل محمود درويش الذي أحب «ريتا» اليهودية، مدّعياً أن الشاعر أبلغه بأنه لا يُضمر العداء للإسرائيليين وأنه تعلم الكثير منهم، إلى ما هناك من الآراء المرتجلة الموجهة والتي تصب في خانة واحدة، محورها الأراضي المحتلة من إسرائيل التي لم تتوان عن إعلان إحترامها لأقوال «زيدان» الذي يتحدى من يثبت عدم صحة كلامه، بينما هو نفسه لم يقدم الحجج التي تثبث واقعية وصدق كلامه.
نقول كل هذا لسبب واحد، وهو السؤال عن جهابذة التاريخ الذين لم نسمع أنهم واجهوا هذا الكاتب، ودحضوا كل آرائه المسيئة والخاطئة التي أوجدت شرخاً واسعاً بين الحقائق المثبتة منذ قرون، والإدعاءات التي لا يتوقف عن إيرادها تباعاً وكأنما هناك من يوحي إليه فترة إثر أخرى بمغالطات جديدة يتبناها ويعمّمها بُغية الشوشرة المعلوماتية، ومرة بعد مرة تتحوّل الإدعاءات الفارغة إلى شبه حقائق في الأذهان خصوصاً من كثرة تداولها، حتى التعليق عليها أو معارضتها أو مجرد الكتابة عنها يجعله وإياها تحت الضوء، ويبدو أن هذا هو المطلوب على المدى البعيد، بحيث تُضخ المعلومات الخاطئة وتجد من يتبناها للنشر والتعميم، لتكبر الدائرة كما هي الحال راهناً.
ما يكرر قوله خطير جداً، والمشكلة الكبيرة هي في النشر والتداول من دون العودة الصحفية إلى خبراء لدحض مزاعم «زيدان»، بإنتظار أن تعمد محكمة ما، بالتحقيق العلمي معه، وصولاً إلى حد تجريمه بالإساءة إلى التاريخ ورموزه، وحرف الناس عن الحقائق لمصلحة إسرائيل، طالما أنه يركز على عناصر بارزة في الأراضي المحتلة وحسب. نريد محاكمة هذا الكاتب على ما يدّعيه فإما أن يُقدّم الحجج أو يُعاقب بالإساءة المقصودة خدمة لأعداء العرب والإسلام على السواء. لكننا في الوقت نفسه نستغرب التأخر أو التساهل في التعامل مع ظاهرته حيث يعمل بمبدأ خالف تُعرف، وكان قادراً أن يخالف من دون إيذاء، لكن الإصرار على إختراع مواقف غير منطقية أو صحيحة، تُعطي صورة مؤكدة عن نواياه تجاه التاريخ العربي، فهل نشهد في المدى المنظور من يضع حداً لهذا الفلتان إنصافاً للحق، حتى لا يشعر المتربصون بنا من أعداء الأمة أننا قاصرون عن وقف المهازل ضد رموزنا وحقائقنا التاريخية.