تحت رعاية وزيرة الثقافة الأردنيّة، وبالشراكة مع مؤسّسة عبد الحميد شومان، عقدَت مؤسّسة الفكر العربيّ، بمناسبة يوم المدينة العربيّة، ندوةً لمناقشة كتابها الصادر حديثاً بعنوان «المُدن العربيّة بين العراقة والاستدامة»، في رحاب منتدى مؤسّسة عبد الحميد شومان الثقافي في عمّان.
افتُتِحت الندوة بكلمةٍ للمدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربيّ البروفسور هنري العَويط الذي أوضح أنّ «اختيارنا هذا الموضوعَ بالذّات، هو من جهةٍ أولى، لما تمثّلُهُ مَجموعةٌ كبيرةٌ من مُدُنِنا العربيّة من تراثٍ ثريٍّ وفَريد، تنبغي حِمايتُه والمحافظةُ عليه، ومن جهةٍ ثانية، لما تَنْشُدُه، هي وغيرُها من مُدنِنا، من حداثةٍ واستدامة». وتلتها جلسةٌ حواريّةٌ أدارها الأستاذ موفّق ملكاوي، واستضافت متحدّثين من أصحاب الخبرة والاختصاص للإضاءة على قضايا حضريّة وتاريخيّة متنوّعة تعكس محاوِر الكتاب.
وكان لوزيرة الثقافة السيّدة هيفاء النجّار كلمةٌ أكّدت خلالها أنّ «دورنا أن يكون بين الشباب ومدينتهم علاقة خاصّة. فهم يريدون من مدينتهم أن تحفظ كرامتهم الإنسانيّة وأن يكون لهم فيها مساحة ليطلقوا إبداعاتهم».
وتناولت الخبيرة الدوليّة في قضايا واستراتيجيّات السكّان والتنمية د. حلا نوفل موضوعَ المدينة العربيّة والضغط السكّاني والعمراني، داعيةً إلى «بناء المدن الشاملة وهي المدن التي ترتكز على مفهوم «الحقّ في المدينة» الذي يهدف إلى بناء مدن للناس وليس للربح».
كما عالج د. إبراهيم غرايبة من مركز الدراسات الاستراتيجيّة في الجامعة الأردنيّة مسألة المدينة العربيّة والحروب، وشرح العلاقة بين المدينة والقانون قائلاً «القانون أو العدل هو جذر الكلمة «مدينة» ومعناها، فالقضاء والحكم هو شرط وصف التجمّع السكّاني بالمدينة».
بدوره، تناول الكاتب والناقد الأستاذ فخري صالح جدليّة المدينة والثقافة، مشيراً إلى أهميّة كتاب «المدن العربية بين العراقة والاستدامة» التي تكمن في «تعدّد زوايا النظر التي يفحص الكتاب من خلالها تاريخ المدينة العربية، وأدوارها، ووظائفها، وطرق تطويرها، واستدامتها».
وجاءت المداخلة الأخيرة عن مدن المستقبل مع مستشار أمين عمّان للتخطيط والتنمية الاقتصادية المهندسة راما عزّي، التي قدّمت تعريفاً للمدينة الذكيّة بوصفها «مدينة مبتكرة تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتّصالات والوسائل الأخرى لتحسين نوعيّة الحياة وكفاءة التشغيل».
يشتمل الكتاب، الذي شارك في تأليفه نخبةٌ من المؤرّخينَ والخبراءِ المختصّين والنقّاد، على أربعة مَحاوِر، يتناول أوّلها تاريخ المدينة العربيّة وهويّتها، مستعرِضاً خصائصها وتراثها المعماريّ. ويعالِج المحور الثاني التحوّلات العميقة التي طَرأت على المدينة بفعل الهجرة الكثيفة من الريف والنموّ المدينيّ السريع. وينظر المحور الثالث إلى مستقبل المدينة العربيّة، من خلال التعريف بالمدن الذكيّة والخضراء والإبداعيّة. أمّا المحور الأخير فيهتمّ بحضور المدينة في المِخيال الروائيّ الذي وثّق تاريخ المدن العربيّة وساهم في الحفاظ على ذاكرتها من التبدّد والنسيان.
ويأتي هذا الإصدار في سياق الاهتمام المتَزايد خلال العقود الثلاثة الأخيرة بدراسة المُدن من نواحٍ عدّة، سوسيولوجيّة وديموغرافيّة وأنتروبولوجيّة وعمرانيّة وتنمويّة وبيئيّة وغيرها، وذلك بعد أن أضحى أكثر من نصف سكّان العالَم يعيشون الآن في مناطق حضريّة، مع توقُّع ارتفاع نسبة قاطِني المُدن في العام 2030 إلى 60%.
أمّا الغاية المتوخّاة من وراء هذا الإصدار فتتجسّد في التنبيه من المَخاطِر التي تتهدَّدُ مُدُنَنا، والتحفيز على تبنّي السياساتِ والخططِ وتنفيذ المشاريع القمينةِ بصَونِ هويّتها وضمان استدامتها، والتذكير أيضاً بأنّ الإنسانَ هو الذي يَمنحُ المدينةَ مشروعيّةَ وجودها ومسوّغَ بقائها، فضلاً عن دواعي عُمرانها وتطوّرها ورقيّها.
يتوفّر الكتاب بنُسخَته الورقيّة على موقِع «نيل وفرات» ولدى منتدى المعارف، وبنُسخته الإلكترونيّة على موقِعَي «أمازون» و«نيل وفرات».
أمازون:
https://amzn.to/3l1w8XM
نيل وفرات:
https://bit.ly/3JtTkqW